عنوان الفتوى : هل كان يوسف عليه السلام نبيًّا أم نبيًّا رسولًا؟
الأنبياء هم بشر مرسلون من رب العالمين، مكلفون بدعوة الناس لعبادة رب العالمين، فهل سيدنا يوسف كان مكلف بدعوة قومه لعبادة الله أم إن قومه كانوا موحدين ؟ ومتى وأين نزل عليه الوحي بأنه سوف يكون نبيا من الله تعالى؟ وهل ورد أن الاحداث التي حصلت ليوسف عليه السلام قبل أم بعد النبوة؟
الحمد لله.
أولًا:
الفرق المشهور بين النبي والرسول، أن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه.
ولكن هذا الفرق لا يسلم من إشكال، فإن النبي مأمور بالدعوة والتبليغ والحكم.
ولهذا فإن "الصواب أن الرسول هو من أرسل إلى قوم كفار مكذبين، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين بشريعة رسول قبله، يعلمهم ويحكم بينهم كما قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ) فأنبياء بني اسرائيل يحكمون بالتوراة التي أنزل الله على موسى".
قال شيخ الإسلام "ابن تيمية": "النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به؛ فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله، ليبلغه رسالة من الله إليه؛ فهو رسول، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله، ولم يُرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة؛ فهو نبي وليس برسول؛ قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّته )، وقوله: ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيّ )؛ فذكر إرسالاً يعمّ النوعين، وقد خص أحدهما بأنّه رسول؛ فإنّ هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله؛ كنوح.
وقد ثبت في الصحيح أنّه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض، وقد كان قبله أنبياء؛ كشيث وإدريس عليهما السلام، وقبلهما آدم كان نبيًّا مكلّمًا.
قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح، عشرة قرون كلهم على الإسلام"، انتهى من"النبوات" (2/ 714-715).
وانظر: الجواب رقم: (11725)، ورقم: (307905).
ثانيًا:
يوسف عليه السلام من الأنبياء قطعًا، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ )الأنعام/83-90.
لكن هل كان يوسف عيه السلام رسولًا، وإذا كان رسولًا، فلمن أرسل؟
الذي يظهر أن العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
أن يوسف عليه السلام كان رسولًا، وقد أرسله الله إلى أهل مصر (أمة القبط)، وقد ذكر الله سبحانه قول مؤمن آل فرعون قوله لهم: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ)غافر/34.
ويظهر أن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: " وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة؛ فإنّ يوسف كان على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا رسولين، وكانا على شريعة التوراة، قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ في شَكّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً)"، انتهى من"النبوات لابن تيمية" (2/ 718-719).
وقال: "وموسى وسليمان، مثل داود ويوسف عليهم السلام، وغيرهما، مع أنَّ داود وسليمان ويوسف عليهم السلام هم رسلٌ أيضًا، دعوا إلى توحيد الله وعبادته؛ كما أخبر الله أنَّ يوسف دعا أهل مصر، لكن بغير معاداة لمن لم يؤمن، ولا إظهار مناوأة بالذم والعيب والطعن لما هم عليه"، انتهى من"النبوات لابن تيمية" (2/ 846-847).
وقال ابن كثير: "وقوله: ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات يعني: أهل مصر، قد بعث الله فيهم رسولًا من قبل موسى، وهو يوسف، عليه السلام، كان عزيز أهل مصر، وكان رسولًا يدعو إلى الله أمة القبط، فما أطاعوه تلك الساعة؛ إلا لمجرد الوزارة، والجاه الدنيوي".
انتهى من "تفسير ابن كثير": (7/143).
و"سورةُ يوسُفَ مكيَّةٌ، ونزَلَتْ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَن آمَنَ معه مِن أصحابِه؛ لِشِدَّةِ ما وقَعَ ليُوسُفَ مِن ابتلاءٍ، فلم يقَعْ لنبيٍّ مِن أنبياءِ اللهِ ابتلاءٌ قبلَ مبعثِهِ كما وقَعَ ليُوسُفَ عليه السَّلام، فيوسُفُ نبيٌّ مُرسَلٌ، ونبوَّتُهُ جاءتْهُ وهو صغيرٌ قبلَ بلوغِهِ، كما هي في عيسى، وقد ذكَرَ اللهُ رسالةَ يوسُفَ في سورةِ غافرٍ؛ كما قال تعالى: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا [34]، وقد دعا إلى توحيدِ اللهِ في سِجْنِهِ من كان معه، وكذلك لمَّا مَكنَّهُ اللهُ بعدَ ذلك"، انتهى من "التفسير والبيان لأحكام القرآن" (3/1617).
وينظر للفائدة: "الشرك في القديم والحديث" (1/ 280-284).
القول الثاني:
يرى بعض العلماء أن يوسف عليه السلام لم يكن رسولًا إلى أهل مصر، وإنما كان رسولًا إلى أهل بيته، ومن لعله تبعهم من قومهم، ولكنه تيسر له أن يدعو المصريين ففعل.
وهذا رأي الشيخ المعلمي اليماني، يقول رحمه الله : "وهذا يوسف عليه السلام تدلُّ قصته أنه لم يكن رسولًا إلى أهل مصر، فإنه لما قابل الملِك لم يَدْعُهُ، بل سأله أن يولِّيه الخزائن، فتولَّاها منه، ثم كان إذا جرى بينه وبين آخر نزاعٌ، يكون الحكم على دين الملك، كما يدلُّ عليه قوله تعالى: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [يوسف: 76].
ثم نراه لمَّا كان في السجن وسأله الرجلان عن حلمهما، فآنس منهما الإقبالَ عليه، وحسنَ الظن به، تلطَّف في دعائهما إلى الإيمان، قال الله عزَّ وجلَّ: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [يوسف: 36 - 40]، ثم فسّر لهما رؤياهما.
ولا بُدَّ أنه بعد أن تولَّى الخزانة كان يدعو الناس بحسب ما تيسَّر، كما يصنعه النبي مع مَنْ لم يؤمر بالتجرُّد لتبليغه، أو قُلْ مع غير قومه الذين أُرْسِلَ إليهم.
وهكذا ينبغي أن يكون فَعَلَ أبوه يعقوب عليه السلام بعد ورود مصر.
ومما يدلُّ على هذا، ما أخبرنا الله تعالى به عن مؤمن آل فرعون قوله لقومه: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا)المؤمن/34.
زعم بعضهم أن يوسف هذا غير ابن يعقوب، كأن هذا الزاعم فَهِمَ من هذه الآية أن يوسف هذا كان رسولًا إلى المصريِّين الرسالة الخاصَّة، كما أُرْسِلَ هود إلى عاد، وعلم أن هذا لا ينطبق على يوسف بن يعقوب لما مَرَّ.
والصواب: أن الآية لا تدلُّ على ما ذكر، بل تدل أن يوسف كان رسولًا؛ أي: إلى أهل بيته ومن لعله تبعهم من قومهم، ولكنه تيسر له أن يدعو المصريين ففعل. والله أعلم".
"رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله - ضمن آثار المعلمي" (2/ 93 - 95).
ويوضح النقل السابق عن "المعلمي" قوله: " ما اشتهر بين أهل العلم أن من الأنبياء مَنْ لم يكن رسولًا، ويفسرون ذلك بأنه لم يؤمر بالتبليغ، لا أرى هذا التفسير على إطلاقه.
وإنما معناه الصحيح: أنه لم يؤمر بالتجرد للتبليغ، والجِدِّ فيه، لا لقومه ولا لغيرهم؛ وإنما يؤمر بما تيسر له من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأهله وجيرانه ومن يأنس به، فيكون حاله مع الناس كلهم، كحال هود مع غير قومه الذين أرسل إليهم على ما تقدم.
وعلى هذا؛ فمن بلغه وجود نبيٍّ غير رسول، يكون حاله كمن بلغه وجود رسولٍ، في قيام الحجة؛ إذ لا يظهر فرق.
وعلى هذا فكلمة (رسول) في قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا المراد بها ــ والله أعلم ــ ما يَعُمُّ النبي، ولا حاجة لدعوى المجاز، ولا إلى ما قيل: إن كل نبي فهو رسول إلى نفسه، بل كل نبي يصدق عليه أنه رسول؛ لأنه لا بُدَّ أن يؤمر بالتبليغ، وإن لم يؤمر بالتجرُّد له والجِدِّ فيه.
وقد قال الله عزَّ وجلَّ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى [الحج: 52]، فدلت الآية أن كلًّا من الرسول والنبي مرسل.
نعم؛ إذا أطلق الرسول فالظاهر منه أنه المأمور بالتجرُّد للتبليغ والجِدِّ فيه، لأن معنى الإرسال فيه أقوى، ولكن ذلك لا يمنع من حمل (رسول) في بعض الموارد على ما يعمُّ النبي، الذي لم يؤمر بالتجرد للتبليغ والجد فيه، إذا دل دليل على العموم، والدليل هنا ما مر؛ إذ لا يظهر فرق بين من بلغه إرسال رسول، ومن بلغه إرسال نبي في قيام الحجة. والله أعلم".
"رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله - ضمن آثار المعلمي" (2/ 95-96).
وممن قال بهذا القول "الطاهر ابن عاشور" في "التحرير والتنوير" (6/33)، (24/138)، قال: "فَأَمَّا يُوسُفُ فَكَانَ رَسُولًا لِقَوْمِهِ بِمِصْرَ"، انتهى.
وقال: "وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ إِظْهَارُ الْبَيِّنَاتِ، مُقَارِنًا دَعْوَةً إِلَى شَرْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَظْهَرَ الْبَيِّنَاتِ وَتَحَقَّقُوا مَكَانَتَهُ، كَانَ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنْ يَتَبَيَّنُوا آيَاتِهِ، وَيَسْتَهْدُوا طَرِيقَ الْهُدَى وَالنَّجَاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ يُوسُفَ بِأَنْ يَدْعُوَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، لِحِكْمَةٍ، لَعَلَّهَا هِيَ انْتِظَارُ الْوَقْتِ وَالْحَالِ الْمُنَاسِبِ الَّذِي ادَّخَرَهُ اللَّهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ"، انتهى.
وقال: "وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَوْنِ يُوسُفَ رَسُولًا تَرَدُّدًا"، انتهى من"التحرير والتنوير" (24/211).
ثالثًا:
والأرجح، والله أعلم، أن يوسف عليه السلام كان رسولًا، لأن الله حكى عن مؤمن آل فرعون أنه دعا أمة القبط إلى توحيد الله، وحكى الله عنه في القرآن أنه دعا من كان معه في السجن، وبين لهم التوحيد، وقال لهم: (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠) يوسف/37-40.
تنبيه:
حكى بعض العلماء أن يوسف في آية سورة غافر ليس هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق، وهو خطأ لا وجه له، ولا دليل عليه؛ بل الصحيح أنه يوسف بن يعقوب.
انظر: "تفسير الطبري" (20/321)، "مجموع الفتاوى" (7/630).
والله أعلم.