عنوان الفتوى : ذكر النبي بعد الرسول في قوله تعالى: (وكان رسولًا نبيًا)
قال تعالي : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ) مريم/54 ، ما فائدة ذكر نبيا بعد رسولا إذا كان كل رسول هو نبي ؟
الحمد لله
أولًا :
الفرق المشهور بين النبي والرسول : أن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ، والنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه .
ولكن هذا الفرق لا يسلم من إشكال ، فإن النبي مأمور بالدعوة والتبليغ والحكم .
ولهذا فالأظهر في الفرق بين الرسول والنبي : أن الرسول هو من أرسل إلى قوم كفار مكذبين ، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين بشريعة رسول قبله ، يعلمهم ، ويحكم بينهم . كما قال تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ؛ فأنبياء بني إسرائيل يحكمون بالتوراة التي أنزل الله على موسى.
قال شيخ الإسلام "ابن تيمية" : " النبي هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبئ بما أنبأ الله به ؛ فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه ؛ فهو رسول .
وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ، ولم يُرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ؛ فهو نبي ، وليس برسول ؛ قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّته )، وقوله: ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيّ ) ؛ فذكر إرسالاً يعمّ النوعين ، وقد خص أحدهما بأنّه رسول ؛ فإنّ هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله؛ كنوح.
وقد ثبت في الصحيح أنّه أول رسول بُعث إلى أهل الأرض ، وقد كان قبله أنبياء ؛ كشيث ، وإدريس عليهما السلام ، وقبلهما آدم كان نبيّاً مكلّماً .
قال ابن عباس : كان بين آدم ونوح ، عشرة قرون كلهم على الإسلام " انتهى من النبوات : (2/ 714 - 715).
انظر، الجواب رقم : (11725).
ثانيًا :
قوله تعالى عن إسماعيل : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا مريم/54 .
معنى الآية : "كان رسولًا إلى قبيلة جرهم ، على شريعة أَبيه إِبراهيم عليهما السلام، فإن أولاد إِبراهيم جميعًا كانوا على شريعته.
وكان نَبِيًّا يخبرهم بتلك الشريعة ، مع تبشير الطائعين وإنذار المفرطين ، والجمع لإسماعيل بين وصفى الرسالة والنبوة إشارة إِلى عظيم مكانته عند الله "، انتهى من "التفسير الوسيط : (6/ 978).
فالجمع بين الرسول والنبي ، لموسى وإسماعيل عليهما السلام ، كان تشريفًا لهما ، وبيانا لمكانتهما عند الله ، وهو أيضًا لتأكيد الوصف .
قال "ابن كثير" : "وقوله: ( وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ) : في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق ؛ لأنه إنما وصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة"، انتهى من "التفسير" (5/ 239 - 240).
وقال الطاهر ابن عاشور، رحمه الله : "الجمع بينهما هنا : لتأكيد الوصف ، إشارة إلى أن رسالته بلغت مبلغًا قويًا، فقوله (نبيًا) ، تأكيد لوصف (رسولًا)"، انتهى من "التحرير والتنوير" (16/ 127).
وقيل : إنه قدم (رسولًا) على (نبيًا) لمراعاة الفاصلة ، أي: مراعاة مناسبة خواتيم الآيات لبعضها على طريقة واحدة ، انظر: "معترك الأقران" للسيوطي(1/ 135).
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
ذكر النبي بعد الرسول في قوله تعالى: (وكان رسولًا نبيًا) |