عنوان الفتوى : الأصل في الأرواث الطهارة
تنازع الفقهاء في الروث الذي يصيب الثوب أو البدن ولا يعرف أهو لفرس أم لحمار، فمنهم من يحكم بنجاسته على اعتبار أن الأصل في الأرواث النجاسة، ومنهم من يحكم بطهارته لأن الأصل في الأعيان الطهارة، فأي الرأيين أقوى، ولماذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة فيها قولان لأهل العلم، وهما وجهان في مذهب الإمام أحمد مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثني، أو أن الأصل فيها النجاسة إلا ما استثني.
جاء في الاختيارات الفقهية (ص: 398): وإذا شك في الروثة هل هي من روث ما يؤكل لحمه أو لا فيه وجهان في مذهب أحمد، مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثنى، - وهو الصواب - أو النجاسة إلا ما استثنى. قلت: والوجهان يمكن أن يكون أصلهما روايتين: إحداهما: قال عبد الله: إن الأبوال كلها نجسة إلا ما أكل لحمه، والثانية: قال أحمد في رواية محمد بن أبي الحارث في رجل وطئ على روث لا يدري هل هو روث حمار أو برذون فرخص فيه إذا لم يعرفه.
وقد انتصر شيخ الإسلام بقوة لصحة القول بأن الأصل طهارتها فقال _ كما في الفتاوى الكبرى (1/ 237)_ : "... لَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ إذَا شَكَّ فِي الرَّوْثَةِ: هَلْ هِيَ مِنْ رَوْثِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ مِنْ رَوْثِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، هُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا: يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ النَّجَاسَةُ. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ. وَدَعْوَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ النَّجَاسَةُ مَمْنُوعٌ، فَلَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ لَا نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَمَنْ ادَّعَى أَصْلًا بِلَا نَصٍّ، وَلَا إجْمَاعٍ فَقَدْ أَبْطَلَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا الْقِيَاسُ فَرَوْثُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ، فَكَيْفَ يَدَّعِي أَنَّ الْأَصْلَ نَجَاسَةُ الْأَرْوَاثِ؟" انتهى.والله أعلم.