عنوان الفتوى : بيع المرابحة بين المانعين والمجيزين
قمتم بنشر أحد مقاطع الفيديو على صفحكتم بالفيسبوك يجيز المرابحة، الشيخ الألباني وابن العثيمين رحمهما الله يرون حرمتها، وقالا إنه تحايل على شرع الله، وهي من مثل ما فعل اليهود في يوم، وما فعلوه أيضا عندما حرم الله عليه الشحم فقاموا بإذابته وبيعه كشمع، وكذلك فهي كنكاح التحليل. أرجوكم إعادة النظر في الفتوى، وراجعوا فتاوى العلماء فيه كابن العثمين والألباني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد المرابحة للآمر بالشراء يعتبر من المخارج والبدائل المشروعة عن الربا إذا توفرت فيه الضوابط الشرعية التي قررها أهل العلم، وصدر بها قرار مجمع الفقه الإسلامية، وبُوب عليها في كتاب المعايير الشرعية.
هذا؛ ثم إن الكلام عن هذا النوع من البيع قديم، فقد جاء كتاب الأم للإمام الشافعي رحمة الله عليه حيث ورد فيه: وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا, فاشتراها الرجل, فالشراء جائز. والذي قال أربحك فيها بالخيار, إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه. وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له، أو متاعا أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه, فكل هذا سواء. يجوز البيع الأول, ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال ابتاعه واشتريه منك بنقد أو دين, يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر. فإن جدداه جاز، وإن تبايعا به على أن الزما أنفسهما الأمر الأول فهذا مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما: تبايعاه قبل أن يملكه البائع, والثاني: أنه على مخاطرة أنك أن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا.
وذكر ابن رشد في كتابه المقدمات الممهدات: والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا، فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح. والمحظورة أن يراوضه على الربح فيقول له: اشتر سلعة كذا وكذا وأنا أربحك فيها كذا، وأبتاعها منك بكذا. اهـ
فالكلام في هذا النوع من البيوع والخلاف فيه قديم، والقول بجوازه ليس محل اتفاق؛ لكن جمهور أهل العلم على الجواز؛ وبهذا أخذ مجمع الفقه، ونسوق قراره في هذا الشأن: قرار رقم (3,2): القرار: بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (بيع المرابحة للآمر بالشراء) واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما قرر: أولًا: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور وحصول القبض المطلوب شرعًا هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسئولية التلف قبل التسليم, وتبعة الرد بالعيب الخفي, ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم, وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه. اهـ
وكون بعض العلماء لا يرى جوازه فهذا يدخله في حيز المعاملات المختلف فيها فحسب، ولا إنكار في الفتوى بجوازه اعتبارا لرجحان القول بالجواز. وهكذا غيره من المسائل المختلف فيها.
والله أعلم.