عنوان الفتوى : مسائل في إخراج كفارة اليمين، وحكم التصدق قبل إخراجها
علي قضاء 4 كفارات عن حلف ونقضه، وأنوي قضاءها -إن شاء الله- ولكني إلى الآن لم أفهم كيفية إخراج مال الكفارة، ولا أفهم قولهم: في ميزان إخراج الكفارة بالمد والصاع. فأرجو منكم تبسيط الأمر علي. كم أدفع من المال بالريال عن كل كفارة؟ وهل أستطيع إخراج المال على المساكين، بدلا من توزيع الطعام؛ لأنه ليست لدي المقدرة على الخروج والتوزيع، إنما أستطيع إعطاء المال نقدا؟ وهل كون عدم قضائي الكفارات، يمنعني من الصدقة إلا بعد قضائها؟ وآخر سؤال: هل أستطيع إعطاء مال الكفارات لجمعية خيرية، أو يجب علي توزيعها شخصيا؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لزمته كفارة يمين أو أكثر، خيِّر بين ما تيسر له من ثلاثة أمور: إطعام عشرة مساكين عن كل كفارة، أو كسوة عشرة مساكين، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد شيئا من ذلك، انتقل إلى الصيام، فليصم عن كل كفارة ثلاثة أيام.
وإذا أردت إخراج كفارة اليمين طعاما, فإن المجزئ هو إطعام عشرة مساكين عن كل كفارة يمين, والمقدار المجزئ مدّ من طعام أي: حوالي 750جراما تقريبا من الأرز، لكل مسكين، والأحوط أن تجعلي قدر المخرج نصف صاع ـ أي: كيلو ونصف تقريبا ـ لكل مسكين، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 242041.
أما إخراج كفارة اليمين نقودا بدل الطعام, فلا تجزئ عند جمهور الفقهاء، وذهب بعض أهل العلم إلى الإجزاء, ولا ريب في أن الأحوط هو إخراجها طعاما, وانظري الفتوى رقم: 102924.
ولا يجب عليك توزيع الكفارة بنفسك, بل يجوز لك توكيل غيرك كجمعية خيرية يوثق بها.
جاء في فتاوى لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين: وكذلك لو كان عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين, ووكلت من يطعم عنك، فلا بأس؛ لأن هذه الأمور مما تدخلها النيابة, حتى وإن أعطيته المال وقلت: خذ هذا المال واشترِ به فطرة، ووزعها على نظرك، فلا بأس. انتهى.
ولا بد من إعلام هذه الجمعية بأن ما دفع إليها كفارة، ليقوموا بصرفه في وجهه المأذون فيه شرعا، وصرفه إلى العدد المعتبر شرعا، وبالمقدار المعتبر شرعا كذلك. فإن كانوا لا يلتزمون بذلك، فالواجب عليك أن تخرجي كفارتك بنفسك، أو توكلي من يقوم بإخراجها على وجهها. وراجعي الفتويين: 102811، 185113.
وأما بخصوص صدقة التطوع قبل أداء ما عليك من الكفارات, فلا حرج فيه إن كان ذلك لا يحول بينه وبين إخراج الكفارات؛ لكونك تجدين ما تكفرين به عن أيمانك. وأما إن أعجزتك الصدقة عن إخراج الكفارات الواجبة، فلا يجوز لك التصدق على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال النووي في (منهاج الطالبين): من عليه دين، أو له من تلزمه نفقته، يستحب أن لا يتصدق حتى يؤدي ما عليه. قلت: الأصح تحريم صدقته بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته، أو لدين لا يرجو له وفاء. اهـ.
والدين نوعان: دين لآدمي. ودين لله، ومنه إخراج الكفارات.
ولذلك قال ابن حجر الهيتمي في شرح كلام النووي السابق: ( وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ) لِلَّهِ, أَوْ لِآدَمِيٍّ. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ، أَمْ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ. اهـ.
وقال الماوردي في الحاوي الكبير: أما صدقة التطوع قبل أداء الواجبات من الزكوات والكفارات، وقبل الإنفاق على من تجب نفقتهم من الأقارب والزوجات، فغير مستحقة ولا مختارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "خير الصدقة عن ظهر غنى، وليبدأ أحدكم بمن يعول" ... وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقبل الله النوافل، إلا بعد إحكام الفرائض .. اهـ.
والله أعلم.