عنوان الفتوى : أقوال العلماء في معنى الرعد والبرق
لدي شبهة حيرتني، ولم أجد لها جوابا في الإنترنت، ولا حتى في موقعكم، وهي عن ماهية البرق بدقة. فكما نعلم أن التفسير العلمي للبرق أنه ظاهرة طبيعية، وهو عبارة عن تفريغ للشحنات الكهربائية، الناتج عن تصادم سحابتين إحداهما تحمل شحنة كهربائية سالبة، والأخرى تحمل شحنة كهربائية موجبة؛ فالبرق عندهم هو عبارة عن كهرباء له جهد عال. ولكن هناك حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أن البرق هو شواظ نار، يخرج من مخاريق بيد ملك فيضرب بها السحاب. فعن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال: أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله. فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع، قال: زجره بالسحاب إذا زجره، حتى ينتهي إلى حيث أمر. قالوا: صدقت. فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه، قال: اشتكى عرق النسا، فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها؛ فلذلك حرمها، قالوا: صدقت. فكما ترون أن التفسير العلمي في واد، والحديث في واد، ولا يمكن التوفيق بينهما. وأنا أعلم يقينا أن العلم والدين لا يختلفان. لكن هل يمكن أن يكون هذا الحديث ضعيفا، رغم أن جماهير أهل العلم قد صححه قديما، وله عدة شواهد أخرى؟ فإذا كان صحيحا يجب أن يكون التفسير العلمي خاطئا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصاب الأخ السائل في يقينه بأن العلم والدين لا يختلفان! ولكنه لم يصب في جزمه بأن التفسير العلمي في واد، والحديث في واد، ولا يمكن التوفيق بينهما!! وقد سبق لنا إيضاح كيفية التوفيق بينها، وذلك في الفتوى رقم: 313201 وما أحيل عليه فيها من الفتويين: 24129، 51894.
وهذا على القول بصحة حديث ابن عباس، وإلا فتصحيح قصة الرعد منه، محل خلاف بين أهل العلم، تجد الإشارة إليه في الفتوى المحال عليها سابقا. هذا ... مع اختلاف المفسرين في معنى الرعد والبرق كليهما.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: في الرعد ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه صوت ملك يزجر السحاب ...
والثاني: أنه ريح تختنق بين السماء والأرض ...
والثالث: أنه اصطكاك أجرام السحاب ...
وفي البرق ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مخاريق يسوق بها الملك السحاب ...
والثاني: أن البرق: الماء .. وحكى ابن فارس أن البرق: تلألؤ الماء.
والثالث: أنه نار تنقدح من اصطكاك أجرام السحاب لسيره، وضرب بعضه لبعض .. اهـ.
والله أعلم.