عنوان الفتوى : حديث: من فضائل الأعمال

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نرجو شرح الحديث الذى يقول " ثلاثة يضحك الله إليهم، الرجل إذا قام من الليل يصلى، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم،إذا صَفُّوا للقتال "؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

هذا الحديث رواه أحمد، وفيه ثلاث فضائل يرضى الله عنها رضاء عظيما. وقد جاء التفسيرعن هذا الرضا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام " ثلاثة يضحك الله إليهم " والضحك إذا عدى بمن كان فى مقام الذم غالبا كقوله تعالى {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون} المطففين: 29 وإذا عدى بإلى كان فى مقام المدح، كما فى هذا الحديث. والضحك بالمعنى المتعارف عند الناس لا ينسب إلى الله، فالمراد لازمه وهو الرضا. فالله يرضى عن هذه الفضائل رضاء عظيما، والتعبير بالضحك عن ذلك يدل على أهميتها وزيادة فضلها. الفضيلة الأولى: قيام الليل بالصلاة، ومن الأمور التى تعطى قيام الليل أهميته أن الصلاة فى الليل أقرب إلى الخشوع، وذلك لسكون الأصوات وعدم الصوارف التى تشتت ذهن الإنسان وتشوش فكره، وهنا يكون الاتصال بالله أتم والمناجاة معه أمتع واحسن، كما أن الليل يقل فيه أو ينعدم الرقيب الذى قد يرائى الإنسان بعمله من أجله، وهنا تكون العبادة أخلص لله وابعد عن تهمة الشرك والنفاق، وكذلك مما يجعل لقيام الليل أهميته أن فيه إيثارا لرضاء الله على رضاء النفس، فإن النفس تميل إلى الراحة وبخاصة فى الليل، فإذا جاهدها الإنسان ونزعها عن هواها وقام يصلى كان معنى حب الله واضحا، وابتغاء مرضاته ظاهرا. ويوضح ذلك حديث أبى الدرداء عن النبى صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم " وعدَّ منهم " والذى له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل، فيقول الله: يَذَرُ شهوته ويذكرنى، ولو شاء رقد" رواه الطبرانى بإسناد حسن. وقد جاءت الأحاديث الكثيرة فى فضل قيام الليل نكتفى منها بقوله صلى الله عليه وسلم" إن فى الجنة غرفا برى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام " رواه ابن حبان فى صحيحه. والفضيلة الثانية: صلاة الجماعة وتسوية صفوفها، والذى يعطيها هذه المنزلة أنها تدل على شعور الإنسان بالروح الاجتماعية، وحاجته إلى الصلة بإخوانه، والتعاون معهم على الخير، وكان بإمكانه أن يؤدى الصلاة فى بيته منفردا فالأرض كلها مسجد، لكنه لم يخلد إلى الراحة وآثر الانتقال إلى مكان الاجتماع مع إخوانه وممارسة نشاطه الدينى معهم، وكذلك يعطيها هذه الأهمية أن فيها خضوعًا لنظام القيادة، وتناسيًا للفردية فى سبيل مصلحة الجماعة، وإذا كانوا خاضعين لقائدهم وهو إمام الصلاة فى توجههم إلى الله بالعبادة، فإنهم يحرصون على احترام هذه القيادة والحرص عليها فى أمور دنياهم، وفى ذلك كله قوة للمجتمع، تتماسك بها أركانه، ويرهب بها جانبه، كما أن نظام الصفوف وتسويتها يدرب على احترام النظام فى كل شئون الحياة، ويدرب على مقابلة العدو صفا واحد متماسكا كالبنيان المرصوص. وقد جاءت الأحاديث الكثيرة مرغبة فى صلاة الجماعة من أجل هذه المعانى الكريمة وغيرها، وجعلتها تفوق صلاة الانفراد بسبع وعشرين درجة. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يهتم اهتماما كبيرا بنظام الصفوف وتسويتها، روى البخارى ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما: كان النبى يمسح مناكبنا فى الصلاة ويقول " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم " وبلغ من شدة اهتمامه بتسوية الصفوف أنه كان يترك مكانه من الإمامة ويخترق الصفوف إذا رأى رجلا خارجا عن الصف، فيقيمه ويرشده ويقول " لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " رواه البخارى ومسلم. الفضيلة الثالثة: صفوف القتال، أى الاستعداد لمواجهة العدو، فى وحدة كاملة ونظام قوى، وهذا المعنى له أهميته، وذلك لأمور، منها استعداد المسلمين لحماية عقيدتهم وشرفهم والدفاع عن وطنهم، وتعاونهم فى ذلك تعاونا قويا لعلمهم أن هذه المهمة جماعية لا فردية، والضرر الناتج عن التقصير لا يقتصر على المقصر، يقول الله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} الانفال:25 ومنها التضحية بأعز ما يملك الناس وهو الروح، فداء لدينهم وشرفهم، والنفس من طبيعتها حب السلامة، ولكن النفوس المؤمنة الأبية لا ترضى السلامة مع الذلة والهوان، وترخص أرواحها فى سبيل العزة والكرامة. وهكذا يكون المؤمنون الذين جعلهم الله خير أمة أخرجت للناس، وانتدبهم لنشر رسالة الحق والسلام. إن الله يعجب بهذه الصفوف ويضحك إليها لأنها صفوف لم تخرج لتحصيل مغنم أو كسب مادى، ولكنها خرجت للموت ضاحكة مستبشرة. ولما كان هذا الاستهداف يحتاج إلى إيمان قوى يتغلب على هوى النفس جاء الترغيب فى الجهاد قويا بأساليب مؤثرة، وكثرت الأحاديث التى تبين فضل المجاهدين على القاعدين، وتعد المقاتلين بإحدى الحسنيين، إما الفوز والنصر، وإما الشهادة والأجر {ومن يقاتل فى سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما} النساء: 74 وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن ذروة سنام الإسلام هى الجهاد كما رواه الطبرانى. وبعد، فهذه فضائل ثلاثة، ينبغى أن نحرص عليها: الأولى فضيلة فردية لخاصة النفس وهى قيام الليل، يجاهد فيها نفسه ويتعرض لنفحات ربه، ورد فى حديث مسلم " إن فى الليل ساعة لا يوفقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا-أعطاه إياه، وذلك فى كل ليلة". والثانية فضيلة اجتماعية يظهر أثرها المباشر فى وقت السلم ويدرب بها لوقت الحرب، وهى صلاة الجماعة التى توحى بالتعاون والوحدة وحب النظام واحترام القيادة وعدم الشذوذ عن الجماعة. والثالثة فضيلة اجتماعية أيضا يظهر أثرها وقت الحرب، وهى التعبئة العامة المنظمة لرد العدوان وحماية الأوطان، جاء فيها قول النبى صلى الله عليه وسلم "مقام الرجل فى الصف فى سبيل الله تعالى أفضل من صلاته فى بيته سبعين عاما " رواه الترمذى بسند صحيح

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...