عنوان الفتوى : القدر الكافي في الإيمان بصفات الله تعالى
هل العلم بصفات الله ضروري، كما ذكر العلماء، مثل قولهم: بعض صفاته فعلية، والبعض ذاتية، والبعض ذاتية فعلية. فإني لا أدري هل الحب والرضا صفتان ذاتيتان فعليتان، أو فعليتان فقط؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضروري هو الإيمان المجمل بصفات الله تعالى، الثابتة في كتابه، أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما التفصيلات والتقسيمات التي يذكرها أهل العلم؛ للإيضاح، أو للرد على أهل البدع، فالجهل بها لا يقدح في صحة الإيمان. وحسبك في بيان هذا القدر الإجمالي ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في أول العقيدة الواسطية.
حيث قال: ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه العزيز، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل يؤمنون بأن الله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]. فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه. ولا يحرفون الكلم عن مواضعه. ولا يلحدون في أسماء الله، وآياته. ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه؛ لا سمي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى. فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا من خلقه. اهـ.
ففي هذا القدر كفاية، ومن ذلك الإيمان بصفتي المحبة والرضا، كما يليق بالله تعالى.
ومع ذلك نقول لمزيد العلم والمعرفة: إن هاتين الصفتين من الصفات الفعلية؛ وهي الصفات المتعلقة بمشيئة الله وقدرته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، بخلاف الصفات الذاتِيَّة: وهي التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها؛ كالعلم، والقدرة، والحياة، والوجه، واليدين ونحو ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن قيل: أما كون الكلام والفعل يدخل في الصفات الاختيارية، فظاهر؛ فإنه يكون بمشيئة الرب وقدرته. وأما الإرادة والمحبة والرضا والغضب، ففيه نظر؛ فإن نفس الإرادة هي المشيئة، وهو سبحانه إذا خلق من يحبه كالخليل، فإنه يحبه ويحب المؤمنين ويحبونه، وكذلك إذا عمل الناس أعمالا يراها، وهذا لازم لا بد من ذلك، فكيف يدخل تحت الاختيار؟
قيل: كل ما كان بعد عدمه، فإنما يكون بمشيئة الله وقدرته، وهو سبحانه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ فما شاء، وجب كونه، وهو تحت مشيئة الرب وقدرته، وما لم يشأه، امتنع كونه، مع قدرته عليه. اهـ.
والله أعلم.