عنوان الفتوى : من له الحق من الوالدين في الولاية على مال الإعانة التي تصرف من الدولة للأطفال؟
رجل مقيم مع امرأته وأبنائه في دولة أوروبية؛ يعمل فيها الزوج، ويدفع الضرائب المفروضة عليه، أما الزوجة فربة بيت، يصرف لكليهما من حكومة هذه الدولة إعانة اجتماعية تسمى نفقة الطفل ، مخصصة للإنفاق على الأبناء القصر، وليست لشخصيهما، وهي عبارة عن مبلغ مالي يقسم بالتساوي بين الرجل وزوجته، ويشترط للحصول على هذه الإعانة أن يدفع -على الأقل- أحد الزوجين الضرائب، الزوج في هذه الحالة. فهل يجوز لهذا الرجل أن يلزم زوجته أن تحول له هذه الإعانة لمساعدته في الإنفاق على الأطفال، أو على الأقل تنفقها هي عليهم لكن على الوجه الذي يرتضيه الزوج؛ لما له من قوامة عليها، وولاية شرعية على الأبناء؟ أم أن للزوجة أن تنفق على الأطفال من الجزء الذي يعطى لها كيفما تشاء، حتى لو خالفت زوجها في ذلك؟ يعني مثلًا هي تريد أن تنفق من الجزء المخصص لها في أمور الترفيه والملبس، ودفع أشياء تخصها، بينما يريد الزوج أن يخصص الجزء الذى يعطى للزوجة في دفع جزء من إيجار المسكن الغالي الذي يعيشون فيه جميعًا، علمًا بأن الزوج ينفق على الأسرة بشكل كامل بما في ذلك إيجار السكن والمطعم والملبس والعلاج والترفيه والسفر، لكن على الوجه الذي يراه الزوج؟
الحمد لله.
أولا:
الإعانة المخصصة للأطفال من الدولة
إذا كانت الإعانة مخصصة للأطفال، فهي لهم، ينفق عليهم منها فيما يحتاجونه، فإن حصل بها الكفاية فالحمد لله، وإن احتاجوا بعدها لنفقة، فهي على الأب، وإن فضل منها شيء، ادُّخر للأطفال، لأنه مالهم.
ويدخل فيما يحتاجونه: الطعام والشراب واللباس ومصاريف الدراسة والعلاج، والترفيه اللائق بأمثالهم، كما يدخل في ذلك ما يخصهم من أجرة السكن، إن كان السكن مستأجرا.
قال ابن قدامة رحمه الله: "(ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده، الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم) الأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولودين الكتاب والسنة والإجماع... وأما الإجماع، فحكى ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم" انتهى من "المغني" (8/211).
ثانيا:
هل يحق للأب ان يأخذ من ماله ولده؟
للأب أن يأخذ من مال والده بشروط، منها: أن يحتاج للمال، فإذا لم يكن محتاجا حرم عليه الأخذ في قول جمهور الفقهاء.
وينظر: جواب السؤال: (9594) .
ثالثا:
هل للأم أن تأخذ من مال ولدها؟
اختلف العلماء في الأم هل لها أن تأخذ من مال ولدها إذا احتاجت؟
فمن الفقهاء من منع ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه؛ لأن الخبر ورد في الأب بقوله : (أنت ومالك لأبيك،/ ولا يصح قياس غير الأب عليه؛ لأن للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيراً " انتهى من "المغني" (5/397)، وينظر: "الإنصاف"(7/155) ، "الغرر البهية" (4/400).
ومنهم من قال: إنها كالأب .
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: " يَأْخُذُ الْأَبُ وَالْأُمُّ مِنْ مَالِ وَلَدِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا يَأْخُذُ الِابْنُ وَالِابْنَةُ مِنْ مَالِ أَبَوَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا" رواه ابن حزم في "المحلى"(6/385)، وصححه.
ومثله عن عطاء بن أبي رباح، والزهري. ينظر: "المدونة" (2/264).
وقال الشيخ الفوزان حفظه الله : " وهذا في حق الأب لا شك فيه ، وكذلك في حقّ الأم ؛ لأنها كالأب على الصحيح ؛ تأخذ من مال ولدها ما تنتفع به ، وتسد به حاجتها ؛ ما لم يكن بذلك إضرار على الولد ، أو أن تتعلق به حاجة الولد ، والله تعالى أعلم " انتهى من "المنتقى".
وينظر جواب السؤال رقم:(145503).
رابعا:
الوالدان مؤتمنان على مال أولادهما
الوالدان مؤتمنان على مال أولادهما، فليحذرا من تضييع الأمانة وأخذ ما لا يحل لهما.
والأب هو من له الولاية على مال الصغير، فيلزم الأم أن تعطيه الإعانة ليصرف منها عليه، ولا يحل لها أن تصرف من مال الصغير شيئا إلا بإذن الأب.
ولا ولاية للأم على مال أولادها في وجود أبيهم باتفاق العلماء .
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (45/161).
وقال الشيخ ابن عثيمين : " الهدايا التي تهدى للمولود أول ما يولد هي ملك له، والأم ليس لها ولاية على ولدها مع وجود أبيه، وعلى هذا فلا يحل لها أن تتصرف فيها إلا بإذن أبيه، فإذا أذن فلا بأس، وسواء كان المولود بنتا أو ابنا الحق في المال للأب، لا للأم" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (25/211).
وينظر جواب السؤال ورقم:(322895).
والله أعلم.