عنوان الفتوى : رخصة السفر باقية وإن كان السفر مريحاً
ما حكم صوم من يسافر بالطائرة لمسافات بعيدة هل يصوم أم يفطر ثم يقضي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فاعلم أن الله جل وعلا ربط جواز الفطر في رمضان بالمرض أو السفر فقال: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر). [البقرة: 184]. ولم يفرق بين مسافر راكب ومسافر راجل ، ولا شك أن المشقة فيهما متفاوتة، وهي في الراجل أشد منها في الراكب ، كما أنها تتفاوت بتفاوت أنواع المركوب فليس راكب الجمل كراكب الفرس ، وليس راكب الفرس كراكب السيارة، ولا راكب السيارة كراكب الطائرة ، وقد سبق في علم الله عزوجل أن هذا النوع من المراكب سيكون متاحاً في وقت لاحق، بل قد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى هذه المراكب فقال تعالى - وهو يعد النعم في المركوب مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم وأهل زمانه - ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون) [النحل:8] فكأنه قال: وسيخلق في المستقبل من أنواع المراكب مالا تعلمونه أنتم أيها المخاطبون في زمن نزول الوحي ، ومن ذلك - والله أعلم - ما نراه الآن من سيارات وطائرات .
وإذا علمت هذا فاعلم أن العلماء نصوا على أن العلة في الترخيص في الفطر في السفر، وفي قصر الصلاة فيه هي: أن السفر مظنة المشقة ، ونصوا على أن المعلل بالمظان لا يتخلف بتخلف المعلولات ، وعلى هذا فإن انتفاء مشقة الصوم عن المسافر في الطائرة لا يمنعه من الاستفادة من الرخصة ، فإن شاء أفطر وإن شاء صام كغيره من المسافرين .
وفي صحيح مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أجد مني قوة على الصوم في السفر ، فهل عليّ جناح ؟ فقال : "هي رخصة من الله تعالى ، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه".
وفيه عن أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما قالا: " سافرنا مع رسول الله فيصوم الصائم ويفطر المفطر، فلا يعيب بعضهم على بعض" .
وهذا في المسافرين الذين لا يضر بهم الصوم في السفر . أما من أضر بهم فليس صومهم من البر ، فقد روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه فقال: ماله ؟ قالوا رجل صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ليس من البر أن تصوموا في السفر".
والعلم عند الله تعالى .