عنوان الفتوى : حكم استخدام قلم السبورة المشتمل على الكحول في كتابة الآيات القرآنية
ما حكم استخدام قلم السبورة في كتابة الآيات القرآنية مع وجود الكحول فيه؟ فقد شممت رائحة الكحول في قلم السبورة ـ الفلوماسترـ، ثم قرأت على موقع الويكيبيديا تحت عنوان "الحبر": أن الكحول يدخل في صناعة الأحبار، فهذا أكد لي أن الكحول يدخل في قلم السبورة. السؤال: لو أن رجلا ترجح لديه القول بنجاسة الخمر، ووجوب اجتنابها، حتى ولو كانت غير نجسة، ثم جلس في قاعة المحاضرات في الجامعة، وكان المدرس يشرح آية قرآنية، فهل يكون في جلوسه هذا آثما؟ أنا نويت أن أقدم للدراسات العليا قسم الشريعة، وواجهتني مشكلة الحضور في قاعات الدرس.
الحمد لله.
أولا:
الكحول مختلف في نجاسته بناء على كونه خمرا بمجرده، أم لا يكون خمرا إلا بإضافة وتقطير؟
وقد سبق في أجوبة عدة في الموقع بيان أن النجاسة إذا استحالت بالمعالجة، أو كانت نسبة يسيرة مستهلكة أنه يعفى عنها.
جاء في " توصيات ندوة الرؤية الإسلامية لبعض المشاكل الطبية " ما يأتي:
" المواد الإضافية في الغذاء والدواء التي لها أصل نجس أو محرم تنقلب إلى مواد مباحة شرعا بإحدى طريقتين:
1 - الاستحالة:
ويقصد بالاستحالة في الاصطلاح الفقهي: " تغير حقيقة المادة النجسة أو المحرم تناولها، وانقلاب عينها إلى مادة مباينة لها في الاسم والخصائص والصفات "
ويُعبَّر عنها في المصطلح العلمي الشائع بأنها: كل تفاعل كيميائي يُحوِّل المادة إلى مركب آخر، كتحول الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون، وتحلل المادة إلى مكوناتها المختلفة، كتفكك الزيوت والدهون إلى حموض دسمة و" غليسرين ".
وكما يحصل التفاعل الكيميائي بالقصد إليه، بالوسائل العلمية الفنية، يحصل أيضا - بصورة غير منظورة - في الصور التي أوردها الفقهاء على سبيل المثال: كالتخلل والدباغة والإحراق.
وبناء على ذلك تعتبر:
المركبات الإضافية ذات المنشأ الحيواني المحرم أو النجس التي تتحقق فيها الاستحالة - كما سبقت الإشارة إليها - تعتبر طاهرة حلالَ التناول في الغذاء والدواء.
2 - الاستهلاك:
ويكون ذلك بامتزاج مادة محرمة أو نجسة بمادة أخرى طاهرة حلال غالبا، مما يُذهب عنها صفة النجاسة والحرمة شرعا، إذا زالت صفات ذلك المخالِط المغلوب من الطعم واللون والرائحة، حيث يصير المغلوب مستهلَكًا بالغالب، ويكون الحكم للغالب، ومثال ذلك:
1 - ... المركبات الإضافية التي يستعمل من محلولها في الكحول كميةٌ قليلةٌ جدا في الغذاء والدواء، كالملونات والحافظات والمستحلبات مضادات الزنخ" انتهى باختصار.
وعلى القول بنجاسته: لا يجوز أن يكتب القرآن بالقلم الذي تظهر فيه رائحة الكحول؛ لأن ظهور الرائحة يعني أن الكحول باق على صفته، لم يتحول بالخلط، وأنه ليس نسبة قليلة مستهلكة.
فإذا لم تحصل الاستحالة، ولم يكن الكحول مستهلكا، حرم كتابة القرآن بالحبر المشتمل عليه-على القول بنجاسته-.
قال في "مطالب أولي النهى" (1/155): " (و) حرم (كتبه) - أي: القرآن - (مع ذكر) الله (ب) شيء (نجس)، أو على شيء نجس، (وإن قصد إهانته) - أي: القرآن أو الذكر بذلك أي: بكتبه بالنجس - (فالواجب) على ولي الأمر (قتله، كما) ذكره ابن عقيل (" في الفنون ") ويجب غسل الكتابة وتحريقها للصيانة" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (40/100): " ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز كتابة القرآن بشيء نجس، كما لا يجوز إلقاؤه في نجاسة أو تلطيخه بنجس.
ولا يجوز كذلك إلقاء شيء من كتب التفسير أو الحديث أو العلوم الشرعية في نجاسة أو تلطيخه بنجس" انتهى.
وينظر للفائدة: "ضوابط كتابة القرآن وتطبيقاتها المعاصرة في الميزان" للدكتور علي ذريان فارس الجعفري العنزي:
https://majles.alukah.net/t170512/
ثانيا:
القول بعدم نجاسة الكحول، وأنه ليس خمرًا: هو ما أفتى به الشيخ بخيت المطيعي في "مجلة الإرشاد" في العدد الأول من السنة الأولى في شهر شعبان سنة 1351 هـ، وهو ما عليه دار الإفتاء المصرية؛ حيث صدرت بذلك فتواها في عهد الشيخ محمد خاطر؛ برقم: 159، وتاريخ: 27 من ذي القعدة سنة 1391 هـ الموافق 12 يناير سنة 1972 م، وفي عهد الشيخ عبد اللطيف حمزة؛ برقم: 117، وتاريخ: 7 من رمضان سنة 1405 هـ الموافق 6 يونيو سنة 1985 م، وانتصر لذلك الشيخ محمد رشيد رضا في "تفسير المنار"، وبعض الهيئات العلمية الفقهية المعتمدة كما في "مجموعة الفتاوى الشرعية" الصادرة عن قطاع الإفتاء بالكويت".
وعليه؛ فلا ينكر على من استعمل الكحول في الكتابة أو الطيب وغير ذلك.
ولا حرج عليك لو كنت ترى نجاسة الكحول أن تحضر محاضرة يكتب فيها القرآن بهذه الأقلام، ما دمت لا تستعمل أنت هذه الأقلام في كتابة القرآن الكريم.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |