عنوان الفتوى : حكم دفع الزكاة للغارم إذا كان الدين مؤجلا كدين جمعية الموظفين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

وجبت علي الزكاة، وحال عليها عام، فهل يجوز سداد جمعية كان والدى مشتركاً بها من زكاة المال، علما أن الجمعية بقي فيها سنة، بحيث إنى أدفع كل شهر من زكاتي، أم هذا يعتبر تأخيراً فى إخراج الزكاة، لأنني لن أخرج الزكاة دفعة واحدة بل على أقساط كما هو النظام في الجمعيات الدفع على أقساط شهرية وليس دفعة واحدة ؟ مع ملاحظة: أن أبي لا يستطيع كسب المال حاليا بسبب مرضه، هو لديه معاش، ولكنه يذهب كله لنفقة المنزل واحتياجاته.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

يجوز دفع الزكاة للغارم، وهو المدين الذي لا يجد ما يسد به دينه، ولو كان من الأصول أو الفروع للمزكي؛ لأنه لا يجب على الابن سداد دين أبيه، ولا العكس.

قال ابن قدامة في "المغني" (6/ 480): "(والغارمين) وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم. هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة. ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم" انتهى.

ثانيا:

إذا كان الدين مؤجلا، فهل يعطى الغارم من الزكاة؟

في ذلك خلاف بين الفقهاء، فالأصح عند الشافعية أنه لا يعطى، والمذهب عند الحنابلة أنه يعطى.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/ 208): " (الشرط الثالث) : أن يكون الدين حالا؛ فإن كان مؤجلا ففي إعطائه ثلاثة أوجه، (أصحها) لا يُعطَى، وبه قطع صاحب البيان لأنه غير محتاج إليه الآن. (والثاني) يعطى، لأنه يسمى غارما. (والثالث) حكاه الرافعي أنه إن كان الأجل يحل تلك السنة أعطي، وإلا فلا يعطى من صدقات تلك السنة" انتهى.

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 282): "(فيأخذ) الغارم لنفسه (إن كان عاجزا عن وفاء دينه، ويأخذه) أي الغارم لنفسه (ومن غرم لإصلاح ذات البين، ولو قبل حلول دينهما) لظاهر خبر قبيصة السابق. وقيس عليه الغارم لنفسه" انتهى.

وبناء على ذلك، فإذا حال حول الزكاة، أو عجلت الزكاة، وكان قسط الجمعية قد حل، جاز دفع الزكاة لسداد هذا القسط.

وأما الأقساط المتبقية التي لم يحل أجلها، ففي دفع الزكاة لسدادها خلاف.

وينبغي التنبه إلى أنه على القول بالجواز، فإن المدين إذا أعطي الزكاة لسداد هذه الأقساط، فإنه لا يجوز له أن يستعمل في غير ذلك، حتى لو كان فقيرا.

قال في "كشاف القناع" في الموضع السابق: "(وإذا دفع إليه) أي الغارم (ما يقضي به دينه، لم يجز) له (صرفه في غيره وإن كان فقيرا) ؛ لأنه إنما يأخذ أخذا مُراعى (وإن دُفع إلى الغارم) من الزكاة (لفقره، جاز له أن يقضي به دينه) لملكه إياه ملكا تاما.

إذا تقرر ذلك (فـ) قاعدة (المذهب)، كما ذكره المجد وتبعه في الفروع وغيره: (أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به، وهو الفقر والمسكنة، والعُمالة والتألف: صرفه فيما شاء، كسائر ماله) ؛ لأن الله تعالى أضاف إليهم الزكاة، فاللام الملك.

(وإن لم يستقر) الأخذ بذلك السبب (صرفه) أي المأخوذ (فيما أخذه له خاصة، لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه)، وإنما يملكه مُراعىً، فإن صرفه في الجهة التي استحق الأخذ بها، وإلا استرجع منه" انتهى.

وعلى ذلك؛ فلا حرج أن تأخذ بقول الحنابلة ، وهو وجه عند الشافعية ؛ فتعطي قدر الأقساط كلها لوالدك، في موعد حول الزكاة من غير تأخير؛ مع تنبيهه أنه لا يجوز له أن يصرفها إلا في سداد دين الجمعية.

وهذا الخلاف السابق : إنما هو فيما إذا كانت تدفع عند حولان الحول، في هذا الدين الذي لم يحل أجله.

وأما أن تؤخر الزكاة ، لأجل أن تدفع في أقساط الجمعية في موعدها؛ فإن هذا غير جائز، بلا خلاف.

ولذلك؛ فالذي ننصحكم به، ونراه مخرجا لكم، لسداد دين والدكم: أن تدفعوا أقساط هذه الجمعية من زكاة السنة القادمة، فتدفع الأقساط في موعدها، ولا يحصل تأخير دفع الزكاة عن الحول، وتعجيل الزكاة عن الحول، للحاجة: جائز.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب : فيجوز عند جمهور العلماء ، كأبي حنيفة، والشافعي ، وأحمد ، فيجوز تعجيل زكاة الماشية ، والنقدين ، وعروض التجارة ، إذا ملك النصاب" انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/85-86).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة ، أو سنتين ، إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً" انتهى، من " فتاوى اللجنة الدائمة" (9/ 422) .

وينظر جواب السؤال رقم:(98528)، ورقم:(215960)، ورقم:(156121). 

والله أعلم.