عنوان الفتوى : المعاريض.. والخروج من المأزق
إذا سألني أحد عن معاشي وأنا لا أريد إخباره (خوفا من الحسد) هل يحق لي أن أكذب عليه أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ففي المعاريض مندوحة عن الكذب أي سعة ومخرج عنه، قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه "باب المعاريض مندوحة عن الكذب" واستدل بقول أم سليم لزوجها أبي طلحة حين سألها عن ولده المريض: هدأ نفسه وأرجو أن يكون قد استراح. ففهم منها زوجها أن الصبي قد تعافى من المرض، لأن قولها هدأ نفسه -بفتح الفاء- مشعر بنومه، والعليل إذا نام أشعر بزوال مرضه أو خفته، وهي قصدت أنه قد انقطع بالكلية بالموت، وفهم من قولها "استراح" أي من المرض، وهي قصدت استراح من نكد الدنيا وألم المرض، فهي صادقة باعتبار مرادها، وهذا هو التعريض، وخبرها غير مطابق للأمر الذي فهمه زوجها لكن ما قالته حق. وعليه، فإذا سئلت عن مقدار معاشك ولم ترد التصريح للسائل بجوابه الصريح، فيمكنك أن تذكر مبلغاً لا تحسد عليه فتقول مثلاً معاشي ألف، وقد يزيد وتقصد أنه زائد حقيقة، لأن حرف "قد" إذا دخلت على الفعل المضارع يصح أن يراد بها التحقيق كما في قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ [الأحزاب:18]. أي أن الله يعلم المعوقين حقيقة، وهو ما قصدته، وتدخل عليه وتدل على التقليل، أي أنهم قد يزيدونك أحياناً وهو ما سيفهمه السائل، ويمكنك أن تستخدم غير هذا الجواب مما فيه احتمال وتعريض. وننبه الأخ السائل إلى أنه لا ينبغي الإكثار من المعاريض حتى لا تجر صاحبها إلى الكذب الصريح. والله أعلم.