كلمات في الصيام
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الصيام: عبادة من أجل العبادات، وطاعة من أروع الطاعات، شرعها الله لغرس الرحمة في القلوب، وتطهير النفوس من الشرور. وهو فضيلة من أعظم الفضائل، ومدرسة حازمة لتربية الإرادة القوية، والعزيمة النافذة، والطاعة الحكيمة. الصوم: جنة من الشهوات، ووقاية من ملابسة الخطيئات، وحصن يحتمي به المؤمن إذا ساوره الهوى، أو نازعته غواية الشيطان، فهو لغرس التقوى في القلوب، والخشية في النفوس. الصوم: جنة من الغضب والسفه والطيش، ووقاية من مجارة السفهاء، ومخاصمة الجهلاء (فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم). الصيام: مدرسة أخلاقية، وعيادة نفسية، وتربية اجتماعية. الصوم: تحرر من سجن الجسد، وسلطان الهوى، وقيد الشهوات. الصوم: يربي في النفس الصدق في القول، والإخلاص في العمل، ويدعو الصائم إلى الجد والحزم، والقوة والعزم. الصيام: يربي في المسلم ملكة الصبر وقهر النفس، واحتمال الشدائد، والجلد أمام العقبات، ومصائب الأحداث ومتاعب الحياة ومكاره النفوس. الصيام: يربي النفوس مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال. الصوم: ليس قمعا للغرائز، وإنما تهذيب وضبط لها وتعويد على التحكم فيها، وعدم الاسترسال في الشهوات؛ لأنها أصل البلاء على الروح والبدن. الصوم: جوع للبدن..
لكنه شبع للروح، وسمو للنفس. الصوم: يعود على الصبر، ويقوي الإرادة، ويعلم ضبط النفس. الصيام: منهج رباني يربي في النفس عاطفة الرحمة، وسلوك يدفع الامتثال للأوامر واجتناب النواهي، وخلق يدعو للصفح والتسامح، وتعاون يفرض على الإنسان ألا يشبع ويترك الآخرين جياعا. الصوم: يطلق النفوس من أسر العادات، ويحررها ممن رق الشهوات، ويجتث منها فساد الطبع ورعونة الغرائز، ويطوف عليها في أيامه بمحكمات الصبر ومثبتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله والقرب منه. الصوم: ينمي في النفوس الأمانة والإخلاص في العمل، وهذه تقضي على رذائل النفاق والمداهنة والرياء (فإنه لي وأنا أجزي به). الصوم: فرصة للتوبة والإنابة والعودة والاستجابة، ووسيلة للتربية والتهذيب، وطريق للتعليم والتأديب. الصوم: صون للسان، وحفظ للناس من شرور النفس، فلا ينتفع به من ترك لسانه يجول في أعراض الناس، ويخوض في العورات وينشر السوءات، وجعل الناس مادة للحديث وأداة للهو والتسلية. ما جدوى الصيام إن لم تتهذب به الألسنة، وتتطهر به النفوس؟ وما جدوى الصيام إذا لم يكن وراءه عفة القول وسماحة النفس ولين الحديث وحسن الكلام؟ جعل الله الصيام للقلب فلا ينبغي أن نجعله للبطن والمعدة..
جعل الله الصيام للحلم والصبر فلا ينبغي أن نجعله للطيش والغضب..
جعل الله الصيام لتقوية العزائم، فلا ينبغي أن نجعله للعب والنوم والخور. الصوم: تربية للنفس وعدة للجهاد، فمن انهزم في جهاد النفس الداخلي لا يصلح للجهاد الخارجي. الصوم: مدرسة لتهذيب الغرائز ـ غريزة الطعام والشراب، غريزة الشهوة الجنسية، غريزة حب التملك ـ بما يدعو إليه من الجود والإحسان وزكاة الفطر للصائمين، وإطعام الطعام، وتفطير الصائمين..
وغريزة الاجتماع مع الناس، فيجمعهم عل الخير والقيام ودروس العلم والذكر والقرآن وصلة الأرحام وحسن الجوار والتواضع والتآلف.. للصوم حكم باهرة وآثار بديعة باطنة وظاهرة، ودروس لا تنقضي، وعبر لا تنتهي، وآثار عظيمة على الفرد والجماعة. لولا أهمية الصيام وسمو منزلته، ووفرة منافعه الجسدية والروحية ما فرضه الله على جميع الأمم {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}(البقرة:183).