عنوان الفتوى : حكم من جعل خاتمة آية خاتمة آية أخرى في الصلاة
كنت إماما في صلاة الفجر، وأثناء القراءة اختلطت علي خاتمة آية. فألقي إلى ذهني خاتمة كنت متأكدا أنها ليست لهذه الآية. وللأسف قلتها، وأنا على شبه يقين أنها ليست لهذه الآية، خوفا من حرج التوقف أمام المأمومين. أنا الآن في غاية الأسف، ولا أدري ماذا أفعل؟ وما حكم الصلاة برمتها كذلك؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة، ولا تبطل بما ذكرت، ولا ينبغي لك أن تبدل آية مكان أخرى، كأن تقرأ "عليمٌ حكيمٌ" بدل "غفور رحيم" وإن كان بعض العلماء أجاز ذلك؛ لبعض الآثار عن بعض الصحابة، لكن حملها بعضهم على غير المتعمد، روى عبد الرزاق في المصنف: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ( يعني ابن مسعود ): " لَيْسَ الْخَطَأُ أَنْ تَقْرَأَ بَعْضَ الْقُرْآنِ فِي بَعْضٍ، وَلَا أَنْ تَخْتِمَ آيَةَ {غَفُورٍ رَحِيمٍ} [البقرة: 173] بِ {عَلِيمٍ حَكِيمٍ} [النساء: 26] أَوْ بِـ {عَزِيزٍ حَكِيمٍ} [البقرة: 209]، وَلَكِنَّ الْخَطَأَ أَنْ تَقْرَأَ مَا لَيْسَ فِيهِ، أَوْ تَخْتِمَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ"
وروى سعيد بن منصور في تفسيره عن ابن مسعود قال: لَيْسَ الْخَطَأُ أَنْ تَجْعَلَ خَاتِمَةَ آيَةٍ، خَاتِمَةَ آيَةٍ أُخْرَى.
وقال البيهقي في شعب الإيمان: وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي إِجَازَةِ قِرَاءَةِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، بَدَلَ {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26]؛ فَلَأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِمَّا نَزَلَ بِهِ الْوَحْيُ، فَإِذَا قَرَأَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، مَا لَمْ يَخْتِمْ بِهِ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ، أَوْ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ، فَكَأَنَّهُ قَرَأَ آيَةً مِنْ سُورَةٍ، وَآيَةً مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى، فَلَا يَأْثَمُ بِقِرَاءَتِهَا كَذَلِكَ. اهـ.
وحمل أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- في كتابه فضائل القرآن، هذه الآثار على محمل آخر، وليس على تعمد إبدال الآيات. حيث قال عقب إخراجه للروايات السابقة: أَرَى عَبْدَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا، أَنَّهُ إِذَا سَمِعَ السَّامِعُ مَنْ يَقْرَأُ هَذِهِ الْحُرُوفَ مِنْ نَعْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَخْطَأْتَ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ نِعُوتِ اللَّهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: هُوَ كَذَا وَكَذَا، عَلَى مَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَلَيْسَ وَجْهُهُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ هَذَا فِي مَوْضِعِ الْآخَرِ، وَهُوَ عَامِدٌ لِذَلِكَ. فَإِذَا سَمِعَ رَجُلًا خَتَمَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ، أَوْ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ، فَهُنَاكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَخْطَأْتَ. لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحِكَايَةِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَهَذَا عِنْدَنَا مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْخَطَأِ. اهـ.
فاحذر أخي السائل أن تعيد تعمد إبدال آية مكان أخرى، وقد ذكرنا ما يشرع للإمام فعله إذا نسي آية من القرآن في الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 65970.
والله تعالى أعلم.