عنوان الفتوى : يؤذن المؤذن للفجر وينصرف ليصلي في مسجد سريع ويترك الإقامة للإمام فما حكم راتبه؟
أنا مؤذن مسجد، وأقوم بالأذان لصلاة الفجر، والمدة بين الأذان والإقامة طويلة، فقمت بالاتفاق مع الإمام أن أقوم بالأذان، والخروج، فأصلي في مسجد سريع مجاور، ويقوم هو بالإقامة والصلاة، فهل هذا الفعل محرم؟ وإن كان كذلك فهل رواتبي السابقة فيها شك في حلها؟
الحمد لله.
الواجب على الموظف أن يقوم بواجبه الوظيفي المتفق عليه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء/58 ، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَالأنفال/27، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ النساء/29.
فإن أخل بذلك كان مقصرا في واجبه، وحرم من راتبه بقدر تقصيره.
فإذا كان من مهام عملك: الأذان والإقامة، فلا يجوز أن تنصرف بعد الأذان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الواجب على المؤذن إذا كانت وظيفته الأذان أن يؤذن بنفسه، ولا يحل له أن يوكل غيره ويأخذ الراتب، إلا في بعض الأحيان لو غاب لنزهة يوماً من الشهر أو ما أشبه ذلك مما جرت العادة به، فلا بأس.
وأما أن يكون منزله بعيداً، ويقول: أنا سأقيم من يؤذن وآخذ الراتب: فهذا لا يجوز، حتى لو قدر أن مدير الأوقاف المباشر وافق على ذلك، فإنه لا يجوز، لأنك لو رجعت إلى ديوان الخدمة أو ديوان الموظفين لرأيتهم يقولون: لا يجوز ولا نسمح بهذا" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (75/ 31).
وليعلم أن الأصل ألا ينصرف المصلي من المسجد الذي هو فيه، بعد أذان الوقت من غير عذر، سواء كان مؤذنا راتبا، أو مصليا من عامة الناس، لا وظيفة له ولا عمل ، سوى أنه يصلي.
لما روى مسلم (655) عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ : كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي ، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : "أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ورواه الترمذي وقال عقبه : " وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، أَوْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ " انتهى .
ورواه أحمد (10946 ) بزيادة: " ثُمَّ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ"وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
ولا يظهر لنا أن حالك هي حال العذر الذي يبيح الخروج من المسجد بعد الأذان للصلاة في مسجد أسرع من مسجده، فإن هذا إنما يكون في عذر طارئ، والمرة بعد المرة؛ وأما أن يكون هذا دأبه دائما، وهو مؤذن المسجد أيضا؛ فلا. فإن شق عليه ذلك، ولم يمكنه البقاء في المسجد للصلاة مع إمامه، فليدع ذلك إلى مؤذن آخر من أهل الحي، ولينظر في الأذان في مسجد يلائمه.
وما سبق من انصرافك وتركك الإقامة-مع كونها من مهام عملك- فينبغي أن تقدّر مقابلها من الراتب، فتتخلص منه بصرفه للفقراء والمساكين أو في المصالح العامة.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |