في ظاهره شر مستطير وفي باطنه خير عظيم
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141].أمل العلة التي من أجلها يبتلي الله تعالى عباده المؤمنين، حتى يديل أعداءهم عليهم، ويمكنهم من رقابهم، وهو ابتلاء عظيم جدًا!
والعلة أن الله تعالى يريدُ أن يخلِّصَ المؤمنين ممن تشبَّه بهم في الظاهرِ، وهو ليس منهم في حقيقة الأمر، ولا يتميزُ الفريقان إلا بغربلةٍ وتمحيصٍ يكشف الله حال الفريقين، ويخلص المؤمنين من الأدعياء، والصادقين من الكاذبين.
ولا يتحقق هذا التمحيص إلا بابتلاء عظيمٍ، وزلزلة شديدةٍ، لا يثبت معها إلا من رسخ الإيمان في قلبه رسوخ الجبال الرواسي، كما لا يخلص الذهب مما علق به من الشوائب إلا بالنار؛ كما قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179].
والأمرُ وإن كان في ظاهرهِ شرٌّ مستطيرٌ، إلا أنه في باطنه خيرٌ عظيمٌ؛ فإن الله تعالى لا يفصلُ بين الفريقين إلا حالَ المفارقةِ والتميزِ؛ كما قَالَ تَعَالَى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25].
فإذا هُذِّبَ المؤمنون ونقوا وتخلصوا من الأدعياء الدخلاء، واستقامت أمورهم أتى نصر الله تعالى، ونزل بأعدائهم بأسه الذي لا يردُّ؛ {وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].
ويتحقق حينها قوله تعالى: {وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}؛ لأنها سنة الله في خلقه، ووعده الذي لا يتخلف.
_____________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب