عنوان الفتوى : المبالغة في التلحين والتغني مكروهة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نرجو من فضيلتكم بيان حكم الإنشاد والترجيع والترنيم في الذكر والدعاء, وهذا كثيرا ما يحدث في المساجد المصرية.. وإذا لم يكن بدعة, فما هو الدليل على هذه الكيفية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا ريب أن كلاًّ من الذكر والدعاء عبادة يتقرب المؤمن بها إلى ربه، ولكن يؤتى بها على وفق ما جاء به الشرع دون غلوٍ وإفراط. فالمبالغة في التلحين والتغني مكروهة، ولو في ما جاء الشرع بتحسين الصوت فيه، كالأذان والقرآن؛ ففي حديث رؤيا عبد الله بن زيد للأذان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إِنّ هَذِهِ لَرُؤْيَا حَقّ، فَقُمْ مَعَ بلاَلٍ، فَإنّهُ أَنْدَى وَأَمَدّ صَوْتاً مِنْكَ، فَأَلْقِ عَلِيْهِ مَا قيلَ لَكَ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. ، هذا في شأن الأذان. أما القرآن فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مَا أذَنَ الله لَشَيْءٍ مَا أذَنَ لِنَبِيّ حَسَنِ الصّوْتِ يَتَغَنّى بالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ. قال ابن الحاج في كتاب المدخل: فصل في النهي عن الأذان بالألحان: وليحذر في نفسه أن يؤذن بالألحان، وينهى غيره عمَّا أحدثوا فيه مما يشبه الغناء. وهذا ما لم يكن في جماعة يطربون تطريبًا يشبه الغناء، حتى لا يعلم ما يقولونه من ألفاظ الأذان إلا أصوات ترتفع وتنخفض، وهي بدعة مستهجنة قريبة العهد بالحدوث. اهـ ونقل في كتابه هذا عن جمعٍ من السلف كراهة التطريب في قراءة القرآن، فقد نقل عن سعيد بن المسيب أنه سمع عمر بن عبد العزيز يؤم بالناس فطرب في قراءته، فأرسل إليه سعيد يقول: أصلحك الله، إن الأئمة لا تقرأ هكذا، فترك عمر التطريب بعد. وذكر عن مالك أنه سُئل عن النبر في قراءة القرآن في الصلاة، فأنكر ذلك وكرهه كراهة شديدة، وأنكر رفع الصوت به. فإذا منع ذلك في الأذان وقراءة القرآن، فكيف يفعل ذلك في الذكر والدعاء. قال الخادمي في كتابه بريقة محمودية - وهو حنفي المذهب - في معرض سرده لبعض البدع: سابعها: التغني وسماع الغناء، ومنه اللحن في القرآن والأذكار، والرقص والاضطراب. لذا فينبغي القصد في ذلك كله، وفعل ذلك دون مبالغة وإفراط فيه. ولا شك أن الإنشاد والترنم بالذكر والأدعية في المساجد إن أدى إلى التشويش على أهل المسجد حرم. والله أعلم.