عنوان الفتوى : لم يكمل العمرة للمرض ثم أتى بعمرة ثانية يشك في إحرامها!

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

نحن من المنطقة الشرقية، وسافر أهلي لجدة قبل سنتين لغرضٍ، وسافرت معهم بعد إصرارهم علي، رغم تعبي الشديد الذي كنت أعاني منه، بعد قضاء الغرض بجدة قررنا الذهاب للعمرة، فاغتسلنا، وأحرمنا من جدة، ثم ذهبنا إلى مكة، بعد دخولنا الحرم لنعتمر اشتد علي تعبي، وفقدت بعض شعوري، وكاد أن يغمى علي، لم أستطع أن أعتمر، فاستندت على أحد الجدارن، وجلست معي أمي، ولم نكمل عمرتنا أنا وهي، وأكملوا بقية أهلي العمرة، بعد عودتنا لمنطقتنا بستة أشهر تقريبًا تعافيت ولله الحمد، وقررنا الذهاب للعمرة،عندما ذهبنا كنت أعتقد أن الصحيح هو أن ألبس الإحرام بالطائرة، عندما يقول الطيار: نحن فوق الميقات، وعندما قال: بقي على الميقات دقائق أو نحن فوق الميقات، لا أذكر أي جملة منهما قال، ولكن حينما قال: ذلك ذهبت إلى حمام الطائرة لِألبس الإحرام، فأخذت بلبسه قرابة ثمانية دقائق لضيق المكان، هبطت الطائرة بجدة، وذهبنا لمكة، وكان زحام شديد، وكنت أعاني من بعض الخوف، الذي يمنعني من الدخول في الزحام، فقررت العودة للفندق، ومتى ما قل الزحام اعتمرت، ولكنه لم يقل ليومين، وأنا مازلت أنام وأصحى وأكل بالإحرام طوال تلك المدة، فقررت نزع الإحرام حتى أرى الوقت المناسب، بعد عدة أيام تقريبًا خف الزحام، فلبست الإحرام، واعتمرت. لدي أسئلة عما حصل بالعمرتين ما الذي يجب علي فعله للعمرة الأولى؟ وما الذي يجب علي فعله للعمرة الثانية، من حيث لبسي للإحرام بالطائرة، وقد نكون قد تعدينا الميقات أو لا؛لان الطائرة شديدة السرعة؟ ما الذي يجب علي فعله بسبب نزعي للإحرام بالعمرة الثانية، وإعادة لبسه بعد عدة أيام؟ في العمرة الأولى عندما تعبت جلست أمي معي، ولم تعتمر، ما الواجب عليها فعله لذلك؟ هل ما فعلناه بالعمرة الأولى كان صحيحًا، حيث أحرمنا من جدة، ونحن من أهل الشرقية؟ وما الواجب علينا إن لم يكن صحيحا؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

من كان من أهل الشرقية وذهب إلى جدة لغرض، ثم بدا له أن يعتمر، فإنه يحرم من مكانه.

أما إن كان جازما بالعمرة حين سافر، فيلزمه الإحرام من الميقات.

فإن لم يفعل: فإن عاد إلى الميقات بعد قضاء غرضه، فأحرم منه: فلا دم عليه.

وإن أحرم من مكانه: فعليه دم، يذبح ويوزع في مكة وما حولها من الحرم، فإن عجز عنه صام عشرة أيام.

قال في "كشاف القناع" (2/404): " (ومن جاوزه) أي: الميقات، (يريد النسك)، بلا إحرام ...

(ولو) كان (جاهلا) بالميقات أو الحكم، (أو ناسيا لذلك، أو مكرها: لزمه أن يرجع) إلى الميقات، (فيحرم منه)؛ لأنه واجب أمكنه فعله، فلزمه، كسائر الواجبات.

(ما لم يخف فوات الحج، أو يخف) فوات (غيره)، كخوفه على نفسه أو أهله أو ماله.

(فإن رجع) إلى الميقات (فأحرم منه: فلا دم عليه)؛ لأنه أتى بالواجب عليه، كما لو لم يجاوزه ابتداء.

(وإن أحرم دونه) أي: الميقات (من موضعه، أو غيره، لعذر أو غيره، فعليه دم)؛ لحديث ابن عباس مرفوعا: من ترك نسكا فعليه دم؛ ولتركه الواجب" انتهى.

ثانيا:

من أحرم بالعمرة ولم يتمها، لمرض أو تعب، فله حالان:

1-أن يكون قد اشترط عند الإحرام فقال: "محلي حيث حبستني"؛ فإنه يتحلل، ولا شيء عليه .

2-أن يكون لم يشترط، فإنه يبقى على إحرامه، حتى لو عاد إلى بلده، ويلزمه اجتناب المحظورات حتى يعود فيتم عمرته.

وما ارتكبه من محظورات جاهلا، فلا شيء عليه.

ثالثا:

من لم يتم عمرته، ثم اعتمر ثانيا، فإن عمرته الثانيةَ تُتِمُّ الأولى، ولا يلزمه الإحرام من الميقات؛ لأنه لم يزل على إحرامه.

قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : ولو أحرم بحجة, ثم أدخل عليها حجة أخرى، أو بعمرة, ثم أدخل عليها عمرة أخرى: فالثانية لغو . والله أعلم " انتهى من "المجموع" (7/132).

وعليه؛ فلا شيء عليك لو كنت أحرمت بعد تجاوز الميقات في العمرة الثانية؛ لأن الإحرام لغو، وأنت على إحرامك الأول.

رابعا:

قد أخطأت بنزع لباس الإحرام ولبس المخيط، وهذا محظور يلزم فيه الفدية، وهو ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين في مكة، أو صيام ثلاثة أيام، في أي مكان.

خامسا:

يلزم والدتك أن تجتنب المحظورات، وتذهب إلى مكة لتتم عمرتها.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أحرمت بالعمرة، ثم فسخت العمرة، واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى، فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام ؟

فأجاب : " هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج: حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي ، قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ).

فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت ، وعمرتها صحيحة ، لأنها وإن فسخت العمرة، فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج والعمرة؛ فلو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها: لم تبطل ، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج: لم يبطل . ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .

وعلى هذا نقول: إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية، إلى أن أتمت العمرة ، وتكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .

وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .

وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها ، والجماع في النسك هو أعظم المحظورات؛ فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، فلا شيء عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/351) باختصار .

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...