عنوان الفتوى : هل يجوز التحايل لإخراج المستأجر إذا كان قد استأجر الشقة لمدة 60 سنة بسعر زهيد؟
والدى يمتلك منزلا من ثلاثة طوابق، بناه لي ولأخوتى لنتزوج فيه، نحن ثلاثة أولاد، قام الوالد منذ 20 سنة بإيجار شقة من الشقق الثلاث بنظام العقد القديم، وللعلم هذا العقد محدد ب59 سنة، وقام المستأجر بعمل تشطيبات للشقة كاملة، ولم يسكن فيها إلى يومنا هذا، وبعد فترة عرض والدي عليه مبلغا من المال كي يتنازل عن عقد الإيجار، وتعود الشقة إلى حوزتنا مرة أخرى، ولكنه رفض، وهو متزوج، ويعيش خارج مصر الآن، ولا نراه إلا كل سنتين، ومن يدفع الإيجار الشهري هو أبوه، والشقة على تلك الحال بها بعض العفش القديم من عشرين سنة، وحاول والدي أكثر من مرة معه، من مبدأ لا ضرر ولا ضرار، خذ ما دفعت من تشطيبات، وعليه جزءا من المال، وانهي العقد، ولكنه يرفض، ويماطل، ونحن الآن كبرنا، تزوج أخي الأكبر فى طابق، وتزوجت أنا فى الطابق الآخر، وجاء الدور على أخينا الثالث، واستعوض والدي الله تعالى فى هذه الشقة، وقرر بناء دور رابع، وبعد رفع الأعمده بفترة كان سيكمل البناء، ولكن جاءت قرارات إيقاف البناء فى مصر، وأضرار المخالفة كبيرة قد تصل إلى الهدم، فعاد التفكير مرة أخرى فى أمر الشقة، وبعد التشاور مع أحد المحامين بخصوص الأمر، اقترح عمل عقد أقدم من عقد المستأجر لشخص آخر، والدفع ببطلان العقد أصلا فى المحاكم التى ستحكم فى النهاية غالبا لصالحنا. فهل هذا حرام؛ حيث هناك من يقول: إن هذه العقود باطلة، وإننا لن نظلمه، لأنه غير منتفع بها، والإيجار الشهري الذى يدفعه زهيد، حيث لا يصل إلى 200 جنيه، وهو يدفعه بانتظام، ولا يخفى أن تكلفة شراء شقه خارجية الآن كبيرة جدا، وليست فى المستطاع إطلاقا، ولكن نخشى الوقوع فى الظلم لأحد؟
الحمد لله.
عقد إجارة الشقة لمدة 59 سنة عقد صحيح ما دامت الشقة يغلب على الظن أنها تبقى هذه المدة.
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة، بل تجوز إجارة العين المدة التي تبقى فيها، وإن كثرت. وهذا قول كافة أهل العلم، إلا أن أصحاب الشافعي اختلفوا في مذهبه، فمنهم من قال: له قولان، أحدهما، كقول سائر أهل العلم، وهو الصحيح .
الثاني: لا يجوز أكثر من سنة؛ لأن الحاجة لا تدعو إلى أكثر منها.
ومنهم من قال: له قول ثالث، أنها لا تجوز أكثر من ثلاثين سنة؛ لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى أكثر منها، وتتغير الأسعار والأجر.
ولنا : قول الله تعالى إخباراً عن شعيب عليه السلام، أنه قال: ( على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك )، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم على نسخه دليل.
ولأن ما جاز العقد عليه سنة، جاز أكثر منها، كالبيع والنكاح والمساقاة، والتقدير بسنة، وثلاثين، تحكم لا دليل عليه، وليس ذلك أولى من التقدير بزيادة عليه أو نقصان منه " انتهى من "المغني"(5/253).
وجاء في "زاد المستنقع": " وإن أجر الدار ونحوها مدة ، ولو طويلة يغلب على الظن بقاء العين فيها : صح."
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سواء ظن بقاء العاقد أم لم يظن، مثل أن يؤجر هذا البيت لمدة ستين سنة، فالإجارة صحيحة؛ لأن ستين سنة يغلب على الظن أن يبقى البيت إليها، ولا سيما إذا كان من الإسمنت، وكان جديداً، فإن الغالب أنه يبقى، فإذا أجرها هذه المدة صح، لكن لو انهدمت قبل تمام المدة، انفسخت الإجارة لتلف العين المعقود عليها، وللمستأجر حصته من الأجرة فيما لم يستوف منفعته" انتهى من "الشرح الممتع" (10/47).
وأما العقد الباطل فهو عقد الإجارة مفتوح المدة، وهو ما يسمى بالإيجار القديم في بلد السائل.
وعليه ؛ فإنه لا يجوز فسخ هذا العقد إلا برضى المستأجر، وله أن يأخذ مقابل الخلو وترك الشقة، وله أن يستمر على إجارته، ولا يجوز حينئذ ما تريدون القيام به؛ لما فيه من الكذب والتحايل، والظلم البين، وعدم الوفاء بالعقد، وأكل المال بالباطل؛ فإن منفعة الشقة ملك للمستأجر إلى نهاية المدة، فأخذها منه: غصب وعدوان.
ولا يبرر ذلك حاجة أخيك للشقة، أو غلاء الشقق.
فاتقوا الله تعالى، واحذروا غضبه وانتقامه.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقال صلى الله عليه وسلم : وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ رواه البخاري (1496).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |