عنوان الفتوى : حذف الياء من قوله تعالى عن موسى عليه السلام: (يا ابن أم)

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قال تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) سورة الأعراف/150. سؤالي: لماذا قال سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام (قَالَ ابْنَ أُمَّ)، ولم يقل ابن أمي؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الحمد لله.

قال تعالى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الأعراف/150.

خلاصة الجواب:

إذا كان المنادَى مضافًا إلى مضافٍ إلى ياءِ المتكلم، فالياءُ ثابتةٌ لا غيرُ، نحو "يا ابنَ أَخي - يا ابنَ خالي" .

إلاّ إذا كان "ابنَ أُمّ" أو "ابن عمّ" فيجوزُ إثباتُها، والأكثر حذفُها والاجتزاءُ عنها بفتحةٍ أَو كسرةٍ.

انظر :

"جامع الدروس العربية" (3/160)، "شرح ألفية ابن مالك" للشاطبي (5/340).

أولًا:

اختلف القراء في ( ابن أم ) فقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة والكسائي وخلف ( قَالَ ابْنَ أُمِّ ) بكسر الميم، وقرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم ويعقوب ( قَالَ ابْنَ أُمَّ ).

انظر : "المبسوط" لابن مهران (215)، و"النشر" (2/272).

وقراءة الكسر في ( أم ) على الأصل، وقراءة الفتح في ( أم ) جعلها من ابن بمنزلة جعل الاسمين اسما واحدا كقولك: جئتك صباح مساء.

وهما لغتان.

انظر: "جامع البيان" للداني(3/1118) ، و "إيجاز البيان عن معاني القرآن" للنيسابوري (1/ 278).

وقال محي الدين الدرويش، رحمه الله: " (قالَ ابْنَ أُمَّ): ابن أمّ اسمان مبنيان على الفتح، لتركبهما تركيب الأعداد، مثل خمسة عشر أو الظروف مثل صباح مساء، فعلى هذا ليس ابن مضاف لأم بل هو مركب معها، فحركتهما حركة بناء.

وذهب الكوفيون الى أن ابن مضاف لأمّ، وأمّ مضاف الى ياء المتكلم، وقد قلبت ألفا، كما تقلب في المنادى المضاف الى ياء المتكلم، ثم حذفت الألف، واجتُزئ عنها بالفتحة كما يجتزأ بالياء عن الكسرة، وحينئذ فحركة ابن حركة إعراب، وهو مضاف لأمّ، فهي في محل جر بالإضافة.

وعلى كل؛ فحرف النداء محذوف أي: يا ابن أم" (3/458).

ثانيًا :

حذفت ياء الإضافة من الكلمة، لأن مبنى النداء على الحذف والتخفيف، وأبقى الكسرة في الميم، ليدل على الإضافة، ونظائر هذا كثيرة.

انظر : "الكشف والبيان" للثعلبي (12/535).

قال "الواحدي" : " قال الفراء: وذلك أنه كثر في الكلام، فحذفت العرب منه الياء، ولا يكادون يحذفون الياء إلا من الاسم المنادى، يضيفه المنادي إلى نفسه، إلا قولهم: يا ابن عمِّ ويا ابن أم، وذلك أنه يكثر استعمالهما في كلامهم، فإذا جاء ما لا يستعمل أثبتوا الياء فقالوا: يا ابن أبي، ويا ابن أخي، ويا ابن خالتي). انتهى كلامه.

ومعنى هذا: أن الياء لا تحذف إلا من المنادى إذا أضفته إلى نفسك نحو: يا غلامِ، يا عمِّ، ولا تحذف من المنادى إذا كان مضافا إلى غير ياء المتكلم؛ كما تقول: يا ابن أخي، يا ابن أبي ؛ فالمنادى هنا: (ابن)، مضاف إلى (أخي/أبي) فلم يجز حذف الياء من (أبي/أخي)؛ وإنما جاز في يا ابن أم، ويا ابن عم، خاصة؛ لكثرتهما في الكلام، فجعل الابن مع الأم والعم اسمًا واحداً، وحذفت الياء، كما حذفت من يا غلام.

وقد جاء يا ابن أمي بإثبات الياء على الأصل كقول أبي زبيد:

يا ابن أمي ويا شُقَيِّقَ نفسي ... أنت خَلَّيْتَني لدهر كؤودِ".

انظر : "التفسير البسيط" (9/372).

قال الشيخ عبدالله الفوزان :

"أما إذا كان المنادى مضافاً إلى مضاف إلى ياء المتكلم. فإنه يجب إثبات الياء مفتوحة، أو ساكنة نحو: يا ابن أخي، يا ابن خالي؛ إلا إذا كان المنادى ابن أم أو ابن عم، أو ابنة أم أو ابنة عم، ففيه وجهان:

الأول: حذف ياء المكلم وإبقاء الكسرة قبلها دليلاً عليها، وهو الأكثر، فتقول: يا ابنَ أمِّ ويا ابنَ عمِّ.

الثاني: حذف ياء المتكلم بعد قلبها ألفاً. وقلب الكسرة قبلها فتحة، فتقول: يا ابن أمَّ ويا ابن عمَّ. ومنه قوله تعالى عن هارون عليه السلام: قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي فقد قرأ ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي بكسر الميم على الوجه الأول، وقرأ الباقون بفتحها على الوجه الثاني.

وإعرابه: (ابنَ أمَّ) ابن: منادى بحرف نداء مقدر، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف و(أمَّ) بالفتح مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لقلب الياء ألفًا. وحذفت هذه الألف للتخفيف و(أمَّ) مضاف، والياء المحذوفة المنقلبة ألفًا في محل جر مضاف إليه.

و(ابنَ أمِّ) على قراءة كسر الميم (ابن) كما تقدم و(أمِّ) مضاف إليه مجرور بالكسر الظاهرة، و (أم) مضاف والياء المحذوفة للتخفيف في محل جر مضاف إليه.

وأما إثبات الياء نحو (يا ابن أمي) أو الألف المنقلبة عن الياء نحو: (يا ابن أما) فهو ضعيف"، انتهى من"تعجيل الندى بشرح قطر الندى" (173-174).

ثالثًا :

كان هارون أخا موسى لأبيه وأمِّه ، وإنما قال : يَا ابْنَ أُمَّ ليستعطفه عليه ويرققه .

انظر : "التفسير البسيط" للواحدي(9/376).

قال "ابن كثير" : "وإنما قال: ابن أم ؛ لتكون أرأف وأنجع عنده، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه"، انتهى من "التفسير" (3/477).

قال "ابن عاشور" : "وابن أم منادى بحذف حرف النداء، والنداء بهذا الوصف للترقيق والاستشفاع، وحذف حرف النداء لإظهار ما صاحب هارون من الرعب والاضطراب "، وذكر وجهًا آخر ، انظر "التحرير والتنوير" (9/117).

قال "الشنقيطي" : "وَإِنَّمَا قَالَ هَارُونُ لِأَخِيهِ قَالَ يَاابْنَ أُمَّ، لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ أَشَدُّ عَطْفًا وَحَنَانًا مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ.

وَأَصْلُهُ يَا ابْنَ أُمِّي بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، وَيَطَّرِدُ حَذْفُ الْيَاءِ وَإِبْدَالُهَا أَلِفًا، وَحَذْفُ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنْهَا كَمَا هُنَا، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَفَتْحٌ اوْ كَسْرٌ وَحَذْفُ الْيَا اسْتَمَرْ ... فِي يَا بْنَ أُمَّ يَا بْنَ عَمَّ لَا مَفَرْ

وَأَمَّا ثُبُوتُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فَيَقُولُ حَرْمَلَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ:

يَا ابْنَ أُمِّي وَيَا شَقِيقِيَ ... نَفْسِي أَنْتَ خَلَّيْتَنِي لِدَهْرٍ شَدِيدِ

فَلُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لِضَرُورَةِ الشِّعْر"، انتهى من "أضواء البيان" (4/ 92-93).

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...