عنوان الفتوى : الأدلة على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم
ألا تدل هذه الآيات التالية، على وجود رسل بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الرسول: الذي يصطفيه الله لإبلاغ رسالاته، وليس شرطا أن يكون معه كتاب جديد أو معجزة، فهو يأتي كل مائة سنة لينذر بلا إله إلا الله. 1- {ولكل قوم هاد} معناه أن لكل قوم في الماضي والحاضر والمستقبل، رسول ينذرهم بلا إله إلا الله. 2-{ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين، ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} هذا دليل على أن الله يريد أن ينظر كيف نعمل مع الرسل إذا أتتنا بالبينات. 3 -{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} إن غاية الله لا تختلف مع الأقوام، فهو يريد من الناس في كل زمن أن يعلم من ينصره ورسله "في كل زمن" بالغيب. 4-{هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل} هنا يصف الله حال قوم أعرضوا عن القرآن ونسوه، أنهم يثبتون أن في هذا القرآن رسلا جاءوا بالحق، وليس رسولا واحدا لهذا القرآن الذي هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 5-{ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يعتقد ما دلت عليه النصوص الصريحة، أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأن رسالته خاتمة الرسالات، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب:40].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون.
وفي صحيح مسلم أيضاً: إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد. وفي رواية: والعاقب الذي ليس بعده نبي. وقوله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس على قدمي. وفي رواية: على عقبي. أي يحشرون على أثري، وزمان نبوتي ورسالتي، وليس بعدي نبي، وقيل: أي يتبعونني.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
وفي الصحيحين عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي. إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.
وقال ابن أبي زيد المالكي في عقيدته: ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة، بمحمد نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وأنزل عليه كتابه الحكيم، وشرح به دينه القويم، وهدى به الصراط المستقيم. اهـ
فلا رسول بعده صلى الله عليه وسلم، وكل من قال بخلاف ذلك فهو كذاب، مخالف لعقيدة الإسلام والمسلمين. وهذا من المعلوم بالضرورة عند المسلمين.
وأما النصوص التي ذكرت، فلا دلالة فيها على وجود نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم. وقد كان الواجب عليك أن تراجع كتب التفسير، وتسأل العلماء عن معاني الآيات التي تشكل عليك، وإن شئت أن نكتب لك عن معاني الآيات، وعدم دلالتها على مرادك؛ فأرسلها إلينا آية آية في رسائل أخرى، وسنجيبك عليها -إن شاء الله- وأما الجواب على ما يزيد على العشر من الآيات، فيحتاج لرسالة، ولا تكفي فيه فتوى يراد لها الاختصار.
والله أعلم.