عنوان الفتوى : حكم تكرار الصلاة على الميت، ومعنى الصلاة على الطفل
في الحرم النبوي والمكي يصلون على الأموات والطفل، بعد كل صلاة، فهل يجوز أن أصلي هذه الصلاة بعد كل صلاة لأبي، ولأموات المسلمين، في المنزل، أم إن هذه الصلاة قاصرة على الحرمين؟ وما معنى الصلاة على الطفل؟ وشكرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فصلاة الجنازة التي تصلى في الحرمين، إنما تصلى على أموات موجودين، توضع جنازتهم أمام الإمام، ويصلي عليهم قبل دفنهم، ولا يُصلون في الحرمين عقب كل صلاة على أموات غير موجودين، ولا على عموم أموات المسلمين، ولا تشرع صلاة الجنازة على الأب أو الأم، أو غيرهما من أموات المسلمين بعد كل صلاة، وصلاة الجنازة إنما تشرع على الميت قبل دفنه، أو على من دُفِنَ، ولم يصل عليه، ومن فاتته الجنازة صلى على القبر أيضًا.
وأما تكرارها بعد كل صلاة على من صُلِّيَ عليه، فهذا أمر محدث، وبدعة لم يرد بها الشرع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ. متفق عليه، وفي صحيح مسلم مرفوعًا: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: تكرار الصلاة على الميت، غير مشروعة لمن صلي عليه ... . اهــ.
والطفل المسلم يصلى عليه أيضًا؛ لأنه من جملة أموات المسلمين، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، كما في حديث الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ. رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وجاء في الحديث أيضًا: وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالرَّحْمَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
قال في عون المعبود: وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ، فَكَالصَّلَاةِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النبي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ عَلَّمَ أَصْحَابَهُ دُعَاءً آخَرَ لِلْمَيِّتِ الصَّغِيرِ، غَيْرَ الدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمَهُمْ لِلْمَيِّتِ الْكَبِيرِ، بَلْ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، كَمَا عَرَفْتَ، وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. انْتَهَى. فَالدُّعَاءُ لِلطِّفْلِ عَلَى مَعْنَى الزِّيَادَةِ، كَمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- تَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْحَمَهَا، وَتَسْتَغْفِرُهُ ... اهـ.
والله تعالى أعلم.