عنوان الفتوى : الحقوق تبقى دينا في الذمة حتى تؤدى
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم وبعد: سألتني أخت عن سيدة كانت تعمل في البيوت كخادمة، وكانت تأخذ أشياء من هذه البيوت بدون علم أهلها، وهي الآن تابت إلى الله عز وجل وتريد أن ترد الأمانات ولكنها كثيرة، ومن بيوت كثيرة، منها الذي تعرف، ومنها الذي لا تعرف، منها أشياء لأناس قريبين، ولكنها تستحي منهم، ومنها أشياء لأناس بعيدين في بلاد أخرى، ولا تعرف كيف تصل إليهم، فماذا تفعل؟ وهي فقيرة لا تستطيع أن تخرج أموالا مقابل هذه الأشياء. أرجوا أن ترشدوني ماذا أقول لها؟ وفي أسرع وقت وجزاكم الله خيرا كثيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن أخذ أموال الناس بغير حق يعتبر إثمًا عظيمًا وذنبًا جسيمًا، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا، ومن شرط التوبة: رد الحقوق إلى أهلها. وعليه.. فمن كان من أصحاب الحقوق معروفًا وجب رد ماله إليه ولو بطريقة خفية، ومن كان منهم مجهولاً فإنه يُتصدق بماله على أنه متى عُرف أو وُجد هو أو وارثه خُيِّر بين إمضاء الصدقة وبين أخذ حقه. ولا يجوز اللجوء إلى الصدقة عن صاحب الحق إلا بعد بذل الوسع في الوصول إليه وتعذر ذلك. وكون هذه الأخت فقيرة لا يعفيها من أداء ما عليها من الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرْضٍ أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري. وهذه الحقوق تظل دينًا في ذمة هذه المرأة حتى تؤديها. ولا حرج في مساعدتها والتصدق عليها لتتمكن من إبراء ذمتها. والله أعلم.