عنوان الفتوى : أيهما أفضل: الصلاة منفردا في المسجد أم جماعة في البيت؟
صليت المغرب منفردا بمسجد لايوجد به أحد وبعدها بدقائق دخل وقت العشاء فهل من الأفضل صلاة العشاء منفردا أم الخروج من المسجد لصلاتها جماعة مع أهلي بالبيت؟ وإذا كان الأفضل الخروج بنية صلاة الجماعة في البيت فهل من الأفضل أن أرفع الأذان قبل خروجي من المسجد أم أخرج دون رفع الآذان. علما بأن ذلك المسجد لايرفع فيه الأذان بصورة منتظمة ولاتقام فيه الجماعة الراتبة لعدم وجود إمام راتب.
الحمد لله.
أولا:
إذا وجد مسجد وحيد في حي فأهل الحي مأمورون بإقامة الصلاة فيه وتعميره
الترجيح بين المصالح إنما يصار إليه إذا تدافعت، ولم يمكن الجمع بينها، وأما إذا لم تتدافع وأمكن تحصيلها كلها، فتحصّل كلها على قدر الاستطاعة.
قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ التغابن/16.
وعلى ذلك يقال: إذا كان هذا المسجد هو الوحيد في المنطقة، فإن أهل الحي مأمورون بتعميره وإقامة الصلوات فيه، فعدم رفع الأذان فيه مما يساهم في قعود جيران المسجد عن الحضور إلى الجماعة واستمرار هجران المسجد. فالأولى في هذه الحال رفع الأذان، وانتظار حضور المصلين الانتظار المعتاد.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
"وإن كان في جواره أو غير جواره مسجد لا تنعقد الجماعة فيه إلا بحضوره، ففعلها فيه أولى؛ لأنه يعمره بإقامة الجماعة فيه، ويحصِّلُها لمن يصلي فيه..." انتهى من "المغني" (3 / 9).
فإذا لم يأت أحد جاز الرجوع إلى البيت والصلاة جماعة فيه؛ لأنها أفضل من الصلاة منفردا في المسجد.
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" عن رجلين تنازعا في "صلاة الفذ" فقال أحدهما: قال صلى الله عليه وسلم: (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِخَمْسِ وَعِشْرِينَ)، وقال الآخر: متى كانت الجماعة في غير مسجد فهي كصلاة الفذ؟
فأجاب: ليست الجماعة كصلاة الفذ؛ بل الجماعة أفضل ولو كانت في غير المسجد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23 / 254).
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
"رجلان صاحبا مزرعة، ولهما مسجد صغير، فمرض أحدهما ولم يستطع الذهاب إلى المسجد، والآخر هل يذهب ويصلي في المسجد منفردا؟ أم يصلي مع صاحبه في بيته؟
فأجاب:
هل المسجد يأتيه أحد؟
السائل: لا. المسجد صغير لهما فقط.
الشيخ: وليس هناك مارة يمرون من عند المسجد؟
السائل: لا. هما في مزرعة بعيدة عن الإسفلت.
الشيخ: إذًا: يأتي مع صاحبه، ويصلي معه جماعة في بيته أفضل من كونه يصلي في المسجد منفردا " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (25 / 17 ترقيم الشاملة).
ثانيا:
وجوب السعي إلى الجماعة في المسجد
إذا كانت هناك مساجد قريبة في المنطقة يؤذن فيها وتقام فيها الجماعة، ففي هذه الحال الواجب السعي إليها، لعموم أدلة الأمر بالسعي إلى الجماعة في المسجد.
سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":
"أسكن في بيت يبعد عن المسجد ما يقارب مائتي متر، ونظرا لوجود بيتي على الشارع العام فيحتاج المسافرون إلى مكان للوضوء والصلاة، ولذلك بنيت مسجدا صغيرا أصلي فيه ومن يأتي من المسافرين وأحيانا أصلي فيه لوحدي بدون جماعة فهل تجوز لي الصلاة في هذا المسجد أم أذهب إلى المسجد الأول؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكرت، فالواجب الذهاب إلى المسجد الذي تقام الصلاة جماعة فيه، ومن السهل أن تأخذ أولادك معك إلى مسجد الجماعة.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (7 / 306).
وسُئلت أيضا:
"أسكن في قرية، وهذه القرية بها عدد ثلاثة مساجد، وواحد من هذه المساجد قريب مني جدا، وأحيانا إذا وجبت الصلاة أقوم بالأذان ولا يأتي أحد يصلي معي، فأقوم بالصلاة بمفردي، وباقي المساجد يوجد بها أناس يصلون، أرجو الإفادة عن هذه الصلاة التي أقوم بها، هل أسير على ما أنا عليه؟
الجواب: إذا لم يكن حول هذا المسجد جيران يصلون فيه فإنه يجب عليك أن تذهب إلى المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة، وتصلي معهم ولا تصلي وحدك؛ لأن صلاة الجماعة واجبة.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد، عبد الله بن غديان، عبد العزيز آل الشيخ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (6 / 181 - 182).
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (315064)
والله أعلم.