عنوان الفتوى : تصميم ألعاب ثلاثية الأبعاد تقتصر على صور لغير ذوات الأرواح
ما حكم تصميم ألعاب لا تحتوي على ذوات الأرواح إطلاقًا، ولا الموسيقي، ولا القمار، ولا العاريات؟ فأنا شاب في 22 من عمري، كنت أتعلم تصميم الجرافيك منذ عامين تقريبًا، وكنت أنوي صنع لعبة سيارات للجوال، فهل في ذلك تصوير؟ فقد قرأت هذا الحديث: وروى مسلم كذلك عن سعيد بن أبي الحسن، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني رجل أصوّر هذه الصور، فأفتني فيها، فقال له: ادنُ مني، فدنا منه، ثم قال: ادنُ مني، فدنا منه حتى وضع يده على رأسه، قال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصوّر في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفسًا، فتعذبه في جنهم. وفي رواية البخاري أنه قال له: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح. أخاف أن أبدأ في المشروع؛ لأن أمر التصوير كبير، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصوِّر، ولم يحدد إذا كان في الصورة ذوات أرواح أم غير ذلك، فهل هناك من موقف أو حديث للرسول صلى الله عليه وسلم بجواز أمور مشابهة، كرسم الجمادات، والقياس عليها بالتصاميم ثلاثية الأبعاد، كما في مشروعي؟ أخاف جدًّا أن أرتكب هذا الذنب، وقد أوقفت العمل حتى أسأل أهل العلم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتصميم ألعاب ثلاثية الأبعاد تقتصر على صور لغير ذوات الأرواح جائزة، ولا شيء فيها إن سلمت من المحذورات الأخرى، كالموسيقى مثلًا، ويكفي في معرفة جوازها ما نقلته في سؤالك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من رواية البخاري أنه قال للرجل: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح.
وبمثل هذا الأثر أخذ أهل العلم جواز ذلك، قال الإمام النووي: هذه الأحاديث صريحة في تحريم تصوير الحيوان، وأنه غليظ التحريم، وأما الشجر، ونحوه مما لا روح فيه، فلا تحرم صنعته، ولا التكسب به، وسواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدًا، فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه، قال القاضي: لم يقله أحد غير مجاهد، واحتج مجاهد بقوله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي ـ واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ـ أي: اجعلوه حيواًنا ذا روح كما ضاهيتم، وعليه رواية: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقًا كخلقي ـ ويؤيده حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ المذكور في الكتاب: إن كنت لا بد فاعلًا فاصنع الشجر، وما لا نفس له. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: استثناء غير ذي الروح ورد مورد الرخصة. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: ما ليس فيه روح لا بأس به؛ لأن الأحاديث تومئ إلى هذا، فإن فيها أنه مكلف أن ينفخ فيه الروح وليس بنافخ، وهذا إشارة وإيماء إلى أن المحرم ما كان فيه روح. انتهى.
وكذلك تصميم ألعاب تحتوي على ذوات الأرواح لكن صورها غير مكتملة، كأن تكون الصورة للرأس والصدر فحسب، دون بقية الجسد، ونحو ذلك، فقد ذهب إلى إباحتها جمع من أهل العلم، وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى التالية أرقامها: 51454، 152675، 312259.
والله أعلم.