عنوان الفتوى : كيف تتصرف مع زوجها الذي يعامل ابنتهما الرضيعة بقسوة؟
والله لولا ثقتي فيكم، لما لجأت إليكم لحل مشكلتي العويصة. تزوجت منذ عام ونصف، وقد اشترطت في اختيار الزوج دينه، وحسن خلقه.... ولكن لأن الزواج قسمة من الله، لا اعتراض عليها. زوجي والحمد لله يصلي، ومتدين، ولكنه متشدد بعض الشيء. وقد تنازلت عن أشياء كثيرة كنت اشترطتها في زواجي منه. ولكن بعدما رزقنا بطفلة هي الآن رضيعة، رغم أنه يحبها ويهتم بها، إلا أنه تنتابه نوبات يريد إسكات بكائها بأي طريقة؛ لدرجة يمر فيها بتعرق وغضب شديدين، ويبدأ في هزها بطريقة عنيفة جدا لا أستطيع وصفها، وهي بذلك تستمر في البكاء الشديد أكثر فأكثر. ويستمر معها لساعة أو اثنتين بدون أن يستسلم حتى يقترب انقطاع نفسها، يرميها في الهواء بكثرة حتى تخاف وتسكت. وتبدأ بالخوف، والصياح الشديدين، وتعوض ذلك بالبكاء وهي نائمة في الليل. كما يأخذها للظلام حتى تخاف، ويبدأ صوتها في النزول لتسكت، وطبعا أثناء كل هذا تبوء كل محاولاتي لتهدئته بالفشل، وأيضا محاولاتي بأخذها منه، وطبعا معه تمزقات قلبي، وانقطاع أنفاسي لبكائها من جهة، ولأنني لا أستطيع إنقاذها من تلك الوضعية، وعجزي عن أن أفعل لها شيئا من جهة أخرى. ولأنني متعلمة، وبدرجة دكتوراه، فقد -والله- حاولت معه بكل الطرق لأصلح الموقف أو أتجاوزه، فلم أستطع. وعندما تمر موجة غضبه يعود عاديا يضاحكها، ويلاعبها وكأن شيئا لم يحدث. فاعترف في البداية بضعفه في تلك اللحظات، ومرات كان يرجع ذلك إلى أنه من آثار السحر وأنه مسحور، ويعتذر، مع العلم أنه دائم الرقية لنفسه، ولكنه الآن أصبح لا يعتذر، بل يصر على أفعاله، ويقول بأنه يربيها بتلك الطريقة، وأني سأشكره على ذلك، بل ويغضب مني لغضبي بعد فعله ذاك، ويقول لي بأنه لا يحق لي أن أغضب؛ لأنه والدها ولن يؤذيها، وبأن لا أتدخل بينها وبينه، وأريته تقارير عن عواقب رمي الرضع في الهواء، وعن طبطبة ظهورهم بتلك الطريقة العنيفة، والتي تؤدي في بعض الأحيان حتى إلى الموت، أو لتشوهات ذهنية، أو إعاقات حركية -لا سمح الله- ولكن لا حياة لمن تنادي، خاصة وأنه أصبح ينزعج من أي رأي لي، أو نصيحة، ويفعل عكسها. والله في بعض المرات أثناء قيامه بذلك الأمر أكاد أجن، وأنا أبكي بمرارة، بل وأتمنى حتى الموت، وحتى تمنيت الموت له، ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأكاد أخرج من البيت من كثرة الضغط الذي أحس به وهي بين يديه، وأنا أتحرق لضمها، وأشعر بالذنب؛ لعدم تمكني من فعل شيء ما لها ينقذها من بين يديه، مع العلم بأنها رضيعة عادية، وبكاؤها بشكل عادي جدا، إن لم أقل إنه خفيف مقارنة بالرضع الآخرين. وأصبحت أخاف من ردات فعلها بعد تعنيف والدها لها. حاولت إفهامه بأن يربيها على الخوف كما يريد هو عندما تكبر وليس الآن؛ لأنها لا تفهم، ولكن هيهات....قلت له بأن يتصل بطبيب نفسي، فأقام الدنيا وأقعدها، ولأنه يدعي محبتي، حاولت بكل الطرق أن أصلح الأمر، ولكن بمرور الأيام، وخاصة مع تذكري لتلك اللحظات وتكرارها من قبله بدون ندم إلى الآن، جعلني أكرهه، أو لا أدري أنفر منه، وزادت الهوة بيننا، فأصبحت الحياة بيننا بلا طعم تقريبا، خاصة وأنني صبرت عليه لعله يتبدل منذ كان عمرها 20 يوما إلى الآن هي بعمر 7 أشهر، ولم يتغير، ولم أجد حلا مع استمراره لأفعاله تلك. وخاصة إذا أخذها من بين يدي في النهار، أو بعد منتصف الليل، وفي أي وقت شاء، وفي بعض المرات لا يجدها تبكي، ولكن يأخذها، فإذا بكت دخل معها في المشهد الدرامي، وفي العديد من المرات حاولت تصويره، وقلت له فقط حتى يرى الفيديو بعدما تنتهي موجة غضبه، لكنه كان كل مرة يأخذ مني الهاتف بقوة، ولا يتركني أصوره. هل أصبر، أو آخذ ابنتي هروبا منه، ومن تعقيد البريئة، خاصة وأنها بدأت تتعلق به، وأخاف أن تبدأ بردات فعل عنيفة، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهل يجوز لي شرعا طلب الطلاق أم لا؟ ولا حول، ولا قوة، إلا بالله العلي العظيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت، فلا بد من منع زوجك من تصرفاته المضرة بالطفلة، فتفاهمي معه، وبيني له أنّ تلك الأفعال عدوان على البنت، وإضرار ببدنها ونفسها، وأطلعيه على كلام أهل العلم في تربية الصغار وضوابطها، وحبذا لو عرض نفسه على طبيب نفسي؛ ليعينه على التخلص من هذه التصرفات، ومعرفة أسبابها.
وإذا لم يستجب لك، فوسطي من الأقارب أو غيرهم من الصالحين من يكلمه ممن يقبل قولهم، فلا بد من المحافظة على البنت، والحيلولة بينه وبين أفعاله المضرة بها، ولو وصل الأمر إلى الطلاق بسبب هذا الأمر، فلا حرج عليك في طلب الطلاق حينئذ، لكن الأولى السعي في استصلاح الزوج، ومحاولة علاج ما به من اضطراب.
ونوصيك بالتوكل على الله، وكثرة ذكره ودعائه، وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.