عنوان الفتوى : تفنيد شبهات حول تدوين الحديث وكتابة السيرة والتاريخ
بسم الله والحمد لله ما حقيقة من يدعون أن التاريخ الإسلامي وسـنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مزوران أو فيهما حقائق مخفية وأن الشيعه يكتبون التاريخ والسيرة على قدر من الصواب أكثر من أهل السنة ويقولون بأنهم ليسوا شيعة بل ويقولون بأنهم يكرهون الشيعة علماً بأنهم لا يحتكمون إلى البخاري وابن كثير ويحتجون بأن رواة الحديث الستة ليسوا عرباً وكانهم يريدون اتهامهم بالخيانة أو عدم الكفاءة أرجو مسـاعدتي. أخوكم في الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحديث النبوي الشريف نال عناية عظيمة من قبل أهل العلم والشأن، وذلك باعتباره مصدرًا ثانيًّا من مصادر التشريع الإسلامي، حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يعتنون بحفظه، إلى جانب حفظهم للقرآن الكريم، فقد كانت صدورهم أوعية لحفظه حتى تلقاه منهم جيل التابعين، وهكذا استمر الحال إلى أن أودع الحديث مع أسانيده في كتب اعتنى أصحابها بجمعه وتدوينه، وكان للعلماء دور عظيم في معرفة قويه من ضعيفه وصحيحه من سقيمه، وكان من نتيجة تلك الجهود ظهور بعض المصنفات المجردة من الأحاديث الضعيفة كصحيحي البخاري ومسلم. وأخرى جمعت الصحيح والحسن والضعيف كباقي الستة وغيرها كصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، وقد نال الجميع قبولاً ورواجا عند الأمة، فاطلعوا على كل حديث فيها وبينوا درجته بعد البحث المتواصل والجهد المضني الذي توصلوا من خلاله إلى معرفة الرواة وحالتهم وتاريخ وفياتهم إلى غير ذلك، حيث نتج عن ذلك علم لم تُسْبَقْ إليه هذه الأمة من قبل، وهو علم الجرح والتعديل. ولا شك أن من يحاول أن يشكك في صحة هذه الكتب أو ثقة أصحابها، فإنما يهدف من وراء ذلك إلى هدم الدين، والنيل من علماء الأمة المشهود لهم عبر العصور بالعدالة والاستقامة، هذا فضلاً عن اتهام الأمة بالغباء والسذاجة في تلقيها رواية هؤلاء من غير دراية منها لحالهم. هذا في ما يتعلق بالحديث ورواته. أما بخصوص كتابة التاريخ والسير فالحق أنه لا يمكن لأحد أن يقطع بصدق كل الأخبار، وإنما فيها ما هو صحيح وما هو ضعيف، لكن توجد كتب اعتنى أصحابها بالبحث والتدقيق وغربلة الأخبار، مما جعل أصحاب هذه الكتب ينالون ثقة المنصفين، وذلك لمكانتهم العلمية وعدالتهم الثابتة من جهة، وخبرتهم الفريدة في هذا المجال من جهة ثانية، وعلى رأس هؤلاء الطبري وابن كثير رحمهما الله تعالى. والله أعلم.