عنوان الفتوى : ما حكم دراسةوتدريس علم الأحياء مع وجود نظرية التطور لدارون؟
أقوم حاليًا بدراسة علم الأحياء في جامعة بألمانيا، وفي بعض الدورات يجب أن أتعلم عن التطور والإجابة على الأسئلة حول التطور في الامتحانات، أعلم أن نظرية التطور خاطئة ولا أؤمن بها، لكن إذا كان لديّ سؤال في الإختبار يقول "ضع علامة على الإجابة الصحيحة"، ثم هناك عبارات حول "تطوّر الحيوانات" وليس البشر، فهل وضع علامة على الإجابة "الصحيحة" حسب أساتذتي يعتبر كفرا، حتى لو لم تكن الإجابة صحيحة بالفعل ولا أؤمن بها؟ هل يجب أن أتخطّى هذه الأسئلة، وأُجيب فقط على الأسئلة التي لا تتعلّق بالتطور؟ أم يجب عليّ تغيير دراستي بالكامل بسبب ذلك؟ ماذا لو كان بإمكاني مواصلة دراستي، وأُصبح مدرسة لعلم الأحياء، ويجب أن أعلّم الأطفال نظرية التطور: هل يمكنني فقط أن أقول"وفقًا لداروين، إنه كذا وكذا"؟ أم تعليمهم هذا يكون من الكفر، حتى لو لم أقل إنّه صحيح؟ وإذا كان ذلك سيكون كُفرًا، أفكّر في تغيير دراستي من علم الأحياء إلى التاريخ، فهل يجوز تعلّم وتعليم التاريخ الأوروبي، والروماني واليوناني والمصري ، إلخ، وربما أيضًا معتقداتهم؟
الحمد لله.
أولا:
بطلان نظرية دارون الإلحادية
نظرية دارون نظرية باطلة مشتملة على الكفر؛ لتكذيبها الكتاب والسنة والإجماع على أن آدم أبو البشر، وقد خلقه الله تعالى من طين بشرا سويا من خيرة البشر، فلم ينحدر الإنسان من قرد، ولم يرتق ولم يتطور، بل كان آدم عليه السلام: طوله ستون ذراعا، ولم يزل الخلق ينقص بعده، كما روى البخاري (3226)، ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ .
وينظر جواب سؤال: (بطلان نظرية التطور والارتقاء) وأيضاً جواب السؤال رقم: (126913).
ثانيا:
حكم دراسة علم الأحياء وتدريسه
لا حرج في دراسة علم الأحياء، وهو من العلوم النافعة المفيدة، ويحذر الدارس مما فيه من الباطل، وإذا جاء سؤال عن هذا الباطل في الاختبار، فإنك تجيبين بحكاية القول، إذا كان ذلك ممكنا ؛ كأن تقولي: قال دارون كذا، أو هذا بحسب ما يقوله دارون، وناقل الكفر وحاكيه ليس بكافر.
وإذا لم يكن تقييد الجواب بقول داورن ممكنا، أو كان عرضة لإلغاء درجته، فالذي يظهر أن لك أن تجيبي السؤال بحسب ما في المنهج المقرر، ولو كان هو قول دارون؛ فإن إجابة السؤال، وفق ما جاء في المنهج، لا تعني تبني هذا القول بالضرورة ؛ بشرط أن ألا يتضمن كلامك إقرارا أو ثناء على ما فيها، وإنما تحكين الأمر عن غيرك، أو تنقلين ما قرر في المنهج، مع كراهتك للباطل وبراءتك منه.
ومثل ذلك، فيما يظهر: إذا كان السؤال يطلب وضع علامة صح، أو خطأ، وكانت علامة صح، تعني الإجابة وفق نظرية دارون.
ولمَّا حكى الذهبي في " تاريخ الإسلام " (14/278) شيئا من عقيدة وحدة الوجود في ترجمة ابن عربي الطائي صاحب "الفصوص" قال : " وذكر فصلا من هذا النمط، تعالى الله عما يقول علوا كبيرا . أستغفر الله، وحاكي الكفر ليس بكافر" انتهى.
وفي "ميزان الاعتدال" (4/162) عندما ترجم للمغيرة بن سعيد البجلي الرافضي الكذاب ، وذكر شيئا من شنائعه في وصف الله تعالى وتقدس، قال : "وحاكي الكفر ليس بكافر، فإن الله تبارك وتعالى قص علينا في كتابه صريح كفر النصارى واليهود وفرعون ونمرود وغيرهم " انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" عن صحة هذه العبارة " ناقل الكفر ليس بكافر " فقال : هذا صحيح ، أن ناقل الكفر ليس بكافر، بمعنى أن الإنسان الذي يحكي قول الكفار لا يكفر، وهذا أمرٌ معلوم لأهل العلم، وحسب النظر أيضاً ؛ فإنك إذا قلت : قال فلانٌ إن الله ثالث ثلاثة، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يعد ذلك كفراً منك لأنك إنما تحكي قول غيرك " انتهى.
ولا حرج عليك في تدريس مادة الأحياء، وفيها نفع كبير كما تقدم، وهي باب عظيم لبيان قدرة الله وعظمته، والتأمل في مخلوقاته، ويمكن من خلالها تعزيز الإيمان وهدم الإلحاد لمن أحسن استغلالها.
وأما ما فيها من باطل، فإنك تبينين بطلانه، وتستعينين بالنظريات الحديثة التي تدعم موقفك، فتقولين إن نظرية دارون تتعارض مع جميع الأديان، وأنها نظرية قديمة تجاوزها الزمن، وقد نقدها كثير من الباحثين الغربيين وغيرهم.
وفي أقل الأحوال تبينين أن هذا كلام دارون، وأنك تؤمنين ببطلانه، لا سيما أنك في بلاد تزعم حرية الرأي والتعبير، فلن يضرك بيان موقفك، أو الإحالة على مقال في مجلة، أو فقرة في كتاب لهدم هذه النظرية.
ثالثا:
حكم دراسة التاريخ الأوروبي
لا حرج في دراسة التاريخ الأوربي وتدريسه ولو اشتمل على بيان معتقدات أهله، مع سلامة القلب من تعظيم الكفار، وإنكار ما في هذا التاريخ من زيف فيما يتعلق باستعمارهم لبلاد المسلمين وغير ذلك.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (267871)، ورقم : (143851).
والله أعلم.