عنوان الفتوى : الرؤى الشيطانية
سؤالي: تأتيني أحلام ثم أراها تتحقق، حتى ولو بعد شهور، ولكن ما يأتيني من حلم أو رؤى لا يفسر بل يحدث مثل ما رأيت بالضبط أي كأنه حلم، مع العلم أني غير منتظم بالصلاة، فسألت أحد المتدينين فقال لي أنت لست بمؤمن، بل أنت لا تصلي، فهذه ليست رؤى من الله، وإنما شيطان يسترق السمع، ثم يأتي ويخبرك في المنام. فهل كلامه صحيح هل يوجد دليل على أن الشيطان يأتي في المنام بهذا النوع من الأحلام. أريد الرد عليه، وما معنى هذه الأحلام؟ مع العلم أن هذه الأحلام ليست حزنا أو سوءا. جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا متخصصون في تعبير الرؤى، ولكن الرؤيا الصادقة قد يراها العاصي والكافر أحيانا، كما في رؤيا صاحبي السجن، ورؤيا الملك في سورة يوسف.
وأما الأحلام الشيطانية فأغلب ما تكون فيما يحزن الإنسان، ففي الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يُبَشَّرُهَا الْمُؤْمِنُ هِيَ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، فَمَنْ رَأَى ذَلِكَ فَلْيُخْبِرْ بِهَا، وَمَنْ رَأَى سِوَى ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُحْزِنَهُ، فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا، وَلْيَسْكُتْ، وَلا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا. رواه أحمد.
وجاء عند البخاري عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ.
وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، ولا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ.
وفي رواية عند ابن ماجه عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلاثٌ؛ مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ أَنا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
هذا؛ ونحذرك من التهاون في الصلاة وتضييعها، فإن الصلاة شأنها عظيم، وتركها هو أعظم الذنوب. فقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى : لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة. انتهى. فأي مسلم يرضى لنفسه بهذه المنزلة الردية.
وقد نقل أيضا عن الإمام أحمد أنه قال رحمه الله: فكل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبد الله، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك. انتهى.
وراجع في الكلام عن كفر تاركها الفتوى رقم : 331066.
والله أعلم.