شرح البيقونية: المؤتلف والمختلف
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
شرح البيقونية: المؤتلف والمختلفمؤتلفٌ متفق الخط فقط *** وَضِدُّهُ مختلفٌ فاخش الغلط
لغة: "المؤتلف": اسم فاعل من "الائتلاف".
بمعنى "الاجتماع والتلاقي" وهو ضد النفرة، و"المختلف" اسم فاعل من "الاختلاف" ضد الاتفاق[1].
واصطلاحًا: أن تتفق الأسماء أو الألقاب أو الكنى أو الأنساب خطًّا، وتختلف لفظًا، سواء أكان مرجع الاختلاف في اللفظ: النقط، أم الشكل[2].
"فالمؤتلف والمختلف: هو الذي اتفق خطًّا لكنه اختلف لفظًا، مثل عباس وعياش، وخياط وحباط، وما أشبه ذلك يعني أن اللفظ في تركيب الكلمة واحدٌ، لكن تختلف في النطق، فهذا يسمى مؤتلفًا مختلفًا، وسمي مؤتلفًا لائتلافه خطًّا، وسُمي مختلفًا لاختلافه نطقًا"[3].
فمثلًا عند المتقدمين كانت كلمة (عباس- وعياش) واحدةٌ؛ لأنها كانت لا تُشكَّل ولا تنقط، كانت ترسم هكذا (عاس)، أما عند المتأخرين فإن الباب يقل فيه الاشتباه؛ لأنهم يُعجمون الكلمات؛ أي: ينقطونها"[4].
مثاله:
1- "سَلَام" و"سَلَّام" الأول بتخفيف اللام والثاني بتشديد اللام.
2- مِسْوَر و"مُسَوَّر" الأول بكسر الميم وسكون السين وتخفيف الواو، والثاني بضم الميم وفتح السين وتشديد الواو.
3- "البَزَّاز" و"البَزَّار" الأول آخره زاي والثاني آخره راء.
4- الثَّوْري "والتَّوَّزِي" الأول بالثاء والراء، والثاني بالتاء والزاي[5].
أهمية معرفة المؤتلف والمختلف:
قال الحافظ ابن حجر: "ومعرفته من مهمات هذا الفن، حتى قال علي بن المديني: "أشد التصحيف ما يقع في الأسماء"[6]، ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده"[7].
ضوابط معرفة المؤتلف والمختلف:
♦ أكثره لا ضابط له، لكثرة انتشاره، وإنما يُضبَط بالحفظ، كل اسم بمفرده.
♦ ومنه ما له ضابط، وهو قسمان:
1- ما له ضابط بالنسبة لكتاب خاص أو كُتْب خاصة؛ مثل أن نقول: "إن كل ما وقع في الصحيحين والموطأ "يَسَار"، فهو بالمثناة ثم المهملة إلا محمد بن بشار، فهو بالموحدة ثم المعجمة.
2- ما له ضابط على العموم: أي لا بالنسبة لكتاب أو كتب خاصة، مثل أن نقول: "سَلّام" كله مشدد اللام، إلا خمسة، ثم نذكر الخمسة وهكذا.
من أهم المصنفات في المؤتلف والمختلف:
♦ صنف فيه الحافظ أبو أحمد العسكري كتابًا سماه "شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف"[8].
لكنه أضاف إلى المؤتلف والمختلف، التصحيف أيضًا[9].
♦ وأفرده الحافظ عبدالغني بن سعيد الأزدي المتوفى سنة (409هـ)، فجمع فيه كتابين:
الأول: "مشتبه الأسماء".
الثاني: "مشتبه النسبة"[10].
♦ وجمع الدارقطني وهو شيخ عبدالغني الأزدي كتابًا حافلًا اسمه "المؤتلف والمختلف"[11].
♦ صنف الخطيب البغدادي ذيلًا على كتاب الدارقطني سماه "المؤتنف في تكملة المؤتلف والمختلف"[12].
♦ جمع كل ما سبق أبو نصر ابن ماكولا في كتابه "الإكمال"[13].
♦ واستدرك عليهم في كتاب آخر جمع فيه أوهام من تقدمه وبيَّنها في كتاب سماه "تهذيب مستمر الأوهام"[14]، وكتاب "الإكمال" من أجمع ما جمع في ذلك، وهو عمدة كل محدِّث بعده.
♦ ثم جاء الحافظ أبو بكر بن نقطة، فاستدرك عليه ما فاته، أو تجدد بعده في مجلد ضخم اسمه "تكملة الإكمال"[15].
♦ وضع ذيلًا على كتاب الإكمال منصور بن سليم في مجلدٍ لطيف اسمه "ذيل كتاب مشتبه الأسماء والنسب" المذيل على كتاب ابن ماكولا"[16].
♦ وللحافظ أبي حامد ابن الصابوني ذيل على الإكمال[17].
[1] "تيسير مصطلح الحديث" ص (208).
[2] انظر: "التعليقات الأثرية" ص (66)، "تيسير مصطلح الحديث" ص (208)، "توضيح الأفكار" للصنعاني (2/ 487).
[3] "شرح البيقونية" لابن عثيمين ص (132).
[4] "شرح البيقونية" لابن عثيمين، بزيادة وتصرف ص (133).
[5] انظر: "تيسير مصطلح الحديث" ص (208).
[6] انظر: قول ابن المديني في "تصحيفات المحدثين" (1/ 12).
[7] "نزهة النظر مع النكت" (ص160).
[8] طبع بمطبعة مصطفى الحلبي في مصر سنة (1963م).
[9] "نزهة النظر مع النكت" (ص160).
[10] وكلا الكتابين طُبع قديمًا في الهند سنة (1327هـ) طبعة حجرية بتحقيق محمد محيي الدين الجعفري.
[11] طبع في أربع مجلدات والخامس فهارس بتحقيق د/ موفق عبدالقادر، طبع دار الغرب الإسلامي.
[12] وهو مخطوط منه نسخة خطية في برلين رقم (10157).
[13] وهو مطبوع قديمًا بتحقيق العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي في سبعة مجلدات في الهند.
[14] وهو مطبوع.
[15] طبع في سبعة أجزاء بتحقيق الدكتور عبدالقيوم عبدرب النبي.
[16] وهو مطبوع في مجلدين بتحقيق الدكتور عبدالقيوم عبدرب النبي.
[17] طبع في العراق سنة (1957م) بتحقيق الدكتور مصطفى جواد.