عنوان الفتوى : من أحكام الوقف في التلاوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشكر لكم مجهوداتكم في خدمة الإسلام والمسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اعلم أخي السائل أن علماء التجويد قسموا الوقف إلى أقسام منها: الوقف التام: وهو الوقف على كلمة لم تتعلق بما بعدها ولا بما قبلها لفظاً ولا معنى وأكثر ما يكون هذا النوع عند رؤوس الآي وانتهاء القصص ونحو ذلك. الوقف الكافي: وهو الوقف على كلمة لم يتعلق ما بعدها بها ولا بما قبلها لفظاً بل تعلق بها معنى فقط وهو كثير في الفوصل وغيرها. الوقف الحسن: وهو الوقف على ما تم في نفسه ولكنه تعلق بما بعده لفظاً ومعنى، ومثاله الوقف على (إلا هو) من قوله تعالى:( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير) [الأنعام: 17] فالوقف على إلا هو حسن ولكن الوصل أولى لترابط الجملتين. الوقف القبيح، وهو الوقف على ما لم يتم الكلام به ولا ينقطع عما بعده كالوقف على المبتدأ دون خبره أو على الفعل دون فاعله أو على الناصب دون منصوبه أو على كان دون اسمها أو على اسمها دون خبرها أو الوقف على المستثنى منه دون الاستثناء ونحو ذلك من الأمثلة، وبعض هذه الأنواع أقبح من بعض في الوقف، كالوقف على ما يوهم وصفاً لا يليق بذات الله تعالى كأن يقف على "يستحيي" من قوله تعالى: ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ) فلا يجوز الوقف على هذه الكلمة إلا لضرورة كالسعال والخطأ في الآية وانقطاع في النفس، فإذا وقف القارئ لهذه الأعذار يعيد الكلمة التي وقف عليها إذا لم تغير المعنى، وإلا أعاد ما يحسن البدء به. وأما ما يتعلق باختلاف أئمة القراءات في الوقف والابتداء فقال السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن "لأئمة القراء مذاهب في الوقف والابتداء فنافع كان يراعي تجانسهما بحسب المعنى وابن كثير وحمزة حيث ينقطع النفس……..أهـ فعلمنا من هذا النقل أن الإمام نافع رحمه الله كان يراعي الوقف حيث يتم المعنى دون مراعاة رؤوس الآيات. والأفضل الوقف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها اتباعاً لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية كما رواه أبو داود والترمذي بإسناد حسن من حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وهو مذهب الإمام أبي عمرو الداني وكان يقول: هو أحب إلي. وأما ما سألت عنه من الآيتين آية سورة القيامة وآية سورة يوسف: فآية القيامة وهي قوله تعالى (ألم يك نطفة) فالوقف على قوله" يك" من الوقف القبيح لأنه من الوقف على (يك) دون خبرها وهو نطفة وقد بينا لك فيما سبق أن العلماء مثلوا للوقف القبيح بالوقف على كان دون اسمها أو مع اسمها دون خبرها ويك هذه أصلها يكون حذفت نونها تخفيفاً وحذفت الواو لأجل الجازم فهي مضارع كان فهي مما تصرف من كان ونطفة خبرها. فلا يقف عليها إلا اختبارا أو اضطرارا فإذا وقف القارئ على "يك" اضطراراً واختباراً فإنه يقف عليها بالكاف ولا يرد النون المحذوفة لأن الوقف على حسب المرسوم إلا في مسائل قليلة مستثناة قال ابن بري في الدرر اللوامع:-
فصل متبعاً متى تقف سنن ما أثبت رسماً أو حذف
وأما الآية الثانية وهي آية سورة يوسف وهي قوله تعالى: ( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) فأنت سألت عن حكم الوقف على لفظة بالسوء من الآية. وهذا الوقف من الوقف على المستثنى منه دون المستثنى. لكن ينبغي أن تعلم أن الاستثناء هنا منقطع على مذهب جماهير المفسرين كما نقله ابن عطية من تفسيره، وبعضهم يرى أن الاستثناء متصل. فعلى أن الاستثناء منقطع ننقل لك ما قاله السيوطي في الإتقان: قال " الوقف على المستثنى منه دون المستثنى إن كان منقطعاً –كهذه الآية- فيه مذاهب: الجواز مطلقاً لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه، والمنع مطلقاً لاحتياجه إلى ما قبله لفظا…..الخ وبناء على هذا النقل فمن العلماء من يرى جواز الوقف على كلمة (بالسوء) ومنهم من يرى المنع من ذلك فالمسألة فيها خلاف، فإذا وقفت عليها فإنك تقف على الهمزة لزوال موجب الإبدال عند الوقف. . وههنا ملاحظة وهي أن وقوفك على هاتين الكلمتين اللتين سألت عنهما إن كان للضرورة كانقطاع النفس أو غلبة السعال أو الخطأ في الآية فلا حرج فيه، لكن عليك أن تعود إلى الكلمة التي وقفت عليها إن لم يتغير المعنى، أو تعود إلى ما يحسن البدء عليه من الكلام. والله تعالى أعلم.