عنوان الفتوى : زنى بها معلمها مرات وهي لا تعلم حرمة الزنا
اعترفت زوجتي بأنها قامت بالزنا ١٠-١٥ مرّة مع معلمها في سنّ ١٦-١٨ عاما، دون أن تعلم أنّه زنا، وأنّه من الكبائر، لقد خدعها بأنه ليس هناك شيء خاطئ، وعليك أن تخرجي من عالمك، وتري ما يحدث في الخارج فصدّقته، اعتقدت أن هذا هو الحب، وعرفت أنه متزوج بالفعل ولديه أطفال، ولم يكن لديها أيّ فكرة عن الجنس أو الرغبة الجنسية، لم تعرف عن عضوها الخاص، وعن العذرية أيضا، ظنّت أنّ هناك شيء انقطع من الداخل عندما نزفت، في الصفّ العاشر كان يتحرّش ويعتدي عليها جنسيا، ولم تكن تعرف ما يحدث، ولم تخبر أيّ شخص بسبب الخوف، لقد استغلّها، وفعل ما كان يخطّط له، لقد توسّلت بأن يفعل أيّ شيء، وبكت لكنه لم يستمع، وقال لها ألا تخبر أحدا، ولم تخبر أيّ شخص؛ لأنها لا تعرف أنّ الجنس هو الزنا، تعتقد أن هذا هو الحب، ما تعرفه أنها تقوم بشيء خفيّ، وأنّه خطأ، وبعد ٥-٦ مّرات عرفت أنّه يسمى الجنس، ولا تزال لا تعرف أنّه زنا وحرام، لقد كانت بريئة جدا، صدّقته كثيرًا، لكنها لم تكن تعلم ما كان يفعل بها، كان دائما يتلاعب بها، وعندما عادت إلى وعيها قليلًا، أخبرها أنّ هذا ليس خطأً، يجب أن تكون الفتيات هكذا، بعد عامين أخيرا عادت إلى وعيها، وأدركت أن هذا ليس حبًا، وأنّه يستخدمها فقط من أجل متعته الخاصة، تابت إلى الله تعالى، فهل ذلك يُعتبر زنا حتى في الجهل والبراءة أو الاعتداء الجنسي على الأطفال؟ هل يُعتبر كلاهما مسؤول عن هذه الخطيئة أم المعلّم فقط؟
الحمد لله.
ما قام به هذا المعلم جرم عظيم، ومنكر كبير، والظاهر من السؤال أنه قد وطئ في الفرج، فإن كان كذلك، فهو زنا صريح يستحق به الرجم بالحجارة حتى الموت، مع ما ينتظره من العذاب الأليم في الآخرة إلا أن يتوب.
وقد روى البخاري (7047) عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أتاني الليلة آتيان ، وإنهما ابتعثاني فانطلقا بي. قال: فانطلقنا حتى إذا أتينا على مثل التنور، فإذا فيه لغَط وأصوات، قال: فاطّلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم اللهب ضَوضَوْا، قال : قلت لهما : ما هؤلاء ؟ ...
فقالا لي: ....، وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني ..).
والتنور: هو الكانون أو الفرن الذي يخبز فيه .
ومعنى ضَوْضَوْا: أي ارتفع صوتهم ولغطهم.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(138270).
وأما الفتاة : فإن كانت لا تعلم أن هذا زنا، فنرجو أن يعفو الله عنها.
أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (13644): " أن امرأة نُوبِيَّةً قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ، وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَمْ تَفْقَهْ، فَلَمْ يُرَعْ إِلَّا حَبَلُهَا، وَكَانَتْ ثَيِّبًا، فرفع أمرها إلى عمر، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا فَقَالَ: حَبلْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ مِنْ مَرْغُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَإِذَا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِذَلِكَ لَا تَكْتُمُهُ!! فَصَادَفَ عِنْدَهُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، وَكَانَ عُثْمَانُ جَالِسًا، فَاضْطَجَعَ، فَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، فَقَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ. فَقَالَ: قَدْ أَشَارَ عَلَيْكَ أَخَوَاكَ. قَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ. قَالَ عُثْمَانُ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ، وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، فَأَمَرَ بِهَا فَجُلِدَتْ مِائَةً، ثُمَّ غَرَّبَهَا، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَتْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ".
فلم يرجمها لجهلها، وأنزل بها عقوبة البكر، وكانت قد أُعتقت.
وروى عبد الرزاق (13647) عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "زَنَتْ مَوْلَاةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا: مَرْكُوشٌ، فَجَاءَتْ تَسْتَهِلُّ بِالزِّنَا، فَسَأَلَ عَنْهَا عُمَرُ عَلِيًّا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَا: تُحَدُّ فَسَأَلَ عَنْهَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، فَوَافَقَ عُمَرُ فَضَرَبَهَا، وَلَمْ يَرْجُمْهَا.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ولا حد على من لم يعلم تحريم الزنى. قال عمر، وعثمان، وعلي : لا حد إلا على من علمه. وبهذا قال عامة أهل العلم. فإن ادعى الزاني الجهل بالتحريم، وكان يحتمل أن يجهله، كحديث العهد بالإسلام والناشئ ببادية، قُبِل منه؛ لأنه يجوز أن يكون صادقا، وإن كان ممن لا يخفى عليه ذلك، كالمسلم الناشئ بين المسلميَن وأهل العلم: لم يقبل؛ لأن تحريم الزنى لا يخفى على من هو كذلك، فقد عُلم كذبه" انتهى من "المغني" (9/58).
وإن كان حصل منها تفريط في التعلم، وتساهل في العلاقة المحرمة، فلتستغفر الله ، ولتتب إليه سبحانه وتعالى، ولتستر نفسها. وكان الأولى بها ألا تخبرك، وألا تخبر أحدا بما جرى لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم: (663).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(20237)، ورقم:(239023).
وفيما ذكرت عبرة وعظة لمن يتساهل في أمر الاختلاط، والعلاقة بين الرجل والمرأة، فكيف يقع الزنا مرات - عياذا بالله - لولا التساهل والخلوة والاختلاط المحرم.
والله أعلم.