عنوان الفتوى : حكم لبس ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار
هل انتشار عادة معينة بين المسلمين وأصلها من عادات الكفار يخرجها عن كونها تشبهًا بالكفار؟ وكيف بمن بدأها أصلًا قبل أن تعرف بين المسلمين؟ ألا يعد ما فعله تشبهًا بالكفار؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الإسلام عن التشبه بالكافرين فيما يختص به الكفار، بحيث يظن من رآه أنه من الكفار, وضابط التشبه ـ كما ذكر أهل العلم ـ أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فما كان من الألبسة مثلًا خاصًّا بالكفار، فلا يجوز للمسلم لبسه.
أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإن لبسه لا يعد تشبهًا، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإن قلنا: النهي عنها ـ أي عن المياثر الأرجوان ـ من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. انتهى.
وقال أيضًا: وقد كره بعض السلف لبس البرنس؛ لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه، فقال: لا بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس ههنا. انتهى.
وقال العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ في بيان ضابط التشبه الممنوع: مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئًا من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإنه لا يكون تشبهًا، ولا يكون حرامًا من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرمًا من جهة أخرى، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرح بمثله صاحب الفتح ـ ابن حجر ـ حيث قال: وقد كره بعض السلف لبس البرنس؛ لأنه من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه، فقال: لا بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس ههنا. اهـ.
قلت ـ ابن عثيمين ـ لو استدل مالك بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل، ولا البرنس.. الحديث، لكان أولى.
وفي الفتح ـ أيضًا: وإن قلنا النهي عنها ـ أي: المياثر الأرجوان ـ من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم ـ حينئذ ـ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. انتهى كلامه -رحمه الله-.
وأما من بدأ بالعادة أصلًا قبل انتشارها بين المسلمين، فإنه يعتبر متشبهًا.
والله أعلم.