عنوان الفتوى : مدى صحة رواية طلب المشركين من رسول الله انشقاق القمر
ما مدي صحة هذه الرواية: إن كفار مكة قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، ووعدوه بالإيمان إن فعل وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما طلبوا... فانشق القمر نصف على جبل الصفا، ونصف على جبل قيقعان المقابل له حتى رأوا حراء بينهما، فقالوا: سحرنا محمد، ثم قالو: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم!! فقال أبو جهل: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي، فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإلا فقد سحر محمد أعيننا، فجاءوا فأخبروا بانشقاق القمر، فقال أبو جهل والمشركون: هذا سحر مستمر أي دائم، فأنزل الله تعالى في محكم كتابه: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرواية المذكورة بهذا اللفظ لم نعثر عليها فيما اطلعنا عليه من المراجع الحديثية، وقد ذكر القرطبي في تفسيره والعيني في عمدة القاري، وأبو الضياء في تاريخ مكة المشرفة لفظا قريبا منها بدون إسناد، ولكنه ثبت أن القمر قد انشق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك هو النص من القرآن ومن رواية البخاري في صحيحه لشهادة الصحابة برؤيتهم لذلك، فقد روي من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: اشهدوا.
وقد نقل ابن كثير في البداية والنهاية الإجماع على ذلك، وذكر أنه تواترت به أحاديث تفيد القطع، وراجع الدر المنثور للسيوطي فقد ذكر عدة روايات في القصة.
والله أعلم.