عنوان الفتوى : كان يسرق من والده وهو صغير وكان يعمل مع والده دون مقابل فما الذي يلزمه ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عندما كنت في سن١٣ إلى١٩، كنت أعمل مع أبي في متجره من الساعة٧ صباحا إلى١٠ ليلا، باستثناء فترة الغداء ساعتين، وكنت طالبا، وكان لا يعطيني أجرا على عملي، ولكن في فترات معدودة كان يعطي، وعندما يغضب يأخذ الأموال التي أعطاها لي على أنها أجر لي، وكان ظالمني بشدة، لا ينفق علي بملابس أو مصروف، لذا كنت آكل من متجره الحلويات والمشروبات بدون أن يعلم، ومرات آخذ من أمواله واشتري بها أشياء في المدرسة، أو عندما أذهب زيارة إلى أقاربي لأصرف على نفسي، وحتى زيارتي لأقاربي لا تتعدى الأربع مرات؛ لأنه كان لا يرضى أن أزورهم، ويريد مني أن أقطع الصلة بهم، وهم من طرف أمي رحمها الله تعالى. وسؤالي : هل ما كنت آكله وأشربه وآخذه من أموال حرام، ويجب علي رده، مع العلم هو يعلم بأني كنت أفعل هذا لكنه غير راضِ، ويقول لن أرضى ولن أبرئك الذمة ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا :

نفقة الابن واجبة على الأب

إذا كان والدك في تلك المدة مقصرا في النفقة عليك فيما تحتاجه من طعام وشراب وملبس، فأخذت من ماله قدر حاجتك فلا شيء عليك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (5364). 

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

 منذ صغري إذا رأيت أبي وضع شيئا سواء من النقود أو أي انتفاع ، وأنا آخذ ، ولا يعرف أبي ذلك ، وبعد أن أصبحت كبيرا خفت الله وتركت كل هذا العمل ، والآن يجوز لي أن أعترف لأبي بذلك الفعل أم لا ؟

فأجابوا :

"يجب عليك أن ترد ما أخذت من والدك من النقود وغيرها إلا إذا كان شيئا يسيرا للنفقة فلا حرج" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/352) .

ثانيا: 

أخذ الأب من مال ولده يجوز في حالات محددة 

ما أعطاه والدك لك أجرة على عملك، ثم أخذه منك، فإنه لا يحق له ذلك إلا بشروط؛ منها أن يكون محتاجا، وألا يأخذ شيئا تعلقت حاجتك به؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ اللهِ لَكُمْ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتُجْتُمْ إِلَيْهَا) رواه الحاكم (2/ 284)، والبيهقي (7/ 480)، والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564).

 فإذا لم يكن محتاجا أو تعلقت حاجتك بالمال، لم يحل له ذلك، وكان لك حينئذ أن تأخذ حقك من ماله دون علمه، بقدر ما أخذ من مالك .

ثالثا:

استحقاق الابن للأجرة في عمله مع والده

إذا كنت تتفق مع أبيك على العمل معه بمقابل، ثم لا يعطيه لك، جاز أن تأخذ هذا المقابل دون علمه.

وأما إذا عملت معه دون اتفاق على أجرة:

فإن كنت تعمل معه تبرعا، من غير اقتضاء أجرة ، بطيب نفس منك: فليس لك أن تعود فتطلب مقابلا عليه.

وإن لم تكن راضيا بعملك هذا الوقت كله بلا أجرة : فالظاهر أن لك أجرة المثل عن هذا العمل الذي لم تتبرع به ، ولم تكن تملك خيارا في الامتناع عنه .

وينظر فتوى للشيخ عبد الرحمن البراك في قريب من هذه المسألة، في جواب السؤال رقم : (267324).

وحينئذ؛ فما أخذته من الحلويات ونحوها من المحل ، من غير إذن والدك ، أو الأموال القليلة : فالظاهر أنه أقل من أجرة المثل عن العمل الذي استكرهك عليه والدك؛ ونرجو ألا يكون عليك شيء فيه.

والذي ينبغي لك أن تجتهد في الإحسان إلى والدك ، وأن تترضاه قدر طاقتك، وتبذل له ما في وسعك من البر والصلة والرعاية .

والله أعلم.