عنوان الفتوى : حكم من انشغل عن إعادة الصلاة لظنه عدم صحتها بالاستفسار عن الحكم حتى خرج الوقت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

صليت صلاة الفجر في وقتها، ولكن نسيت السجدة الثانية، وتذكرت أثناء التشهد، فسجدت، وأعدت التشهد، ومن ثم سجدت سجدتي سجود السهو قبل السلام، لكن شككت هل ما فعلته صحيح، فقمت بالبحث عن إجابة ولم أجد، لذلك قررت إعادة الصلاة، لكن لما نظرت إلى الساعة وجدت أنه بقى دقيقتان على وقت شروق الشمس، وفعلاً عندما توضئت، وصليت وجدت أنه قد خرج الوقت. سؤالي : هل أعذر لتأخير صلاة الفجر عن وقتها أم لا؛ لأني سمعت أنه من أخر صلاة الفرض بلا عذر خرج من الملة ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولا: نسي سجدة في الركعة الأخيرة وتذكر وهو في التشهد 

من نسي سجدة من الركعة الأخيرة، وتذكرها وهو في التشهد؛ فإنه يأتي بالسجدة، ثم يتشهد ويسجد سجدتي السهو قبل السلام أو بعده.

وإدخال التشهد بين السجدتين يعتبر زيادة قولية، كما صرح الحنابلة؛ لأن الجلوس بين السجدتين مشروع، فلم يزد سوى لفظ التشهد. والزيادة القولية يشرع لها سجود السهو ولا يجب.

قال في "شرح المنتهى" (1/ 229): "(وتشهدُ) من نسي، فجلس وتشهد (قبل سجدتي) ركعة (أخيرة) مثلا (زيادةٌ فعلية) يجب السجود لها لأنه جلس له في غير محله، وتشهدٌ بعد سجدة أولى (وقبل سجدة ثانية) : زيادةٌ (قولية) ، يسن السجود لها؛ لأن ما بين السجدتين محل جلوس، فلم يزد سوى القول" انتهى.

وجاء في "التهذيب"، للإمام البغوي – شافعي – (2/192) : " وإذا صلى صلاة ذات أربع ركعات، ففي التشهد الأخير تذكر أنه نسي سجدة منها، نُظر: إن علم أنه نسيها من الأخيرة سجدها، واستأنف التشهد، وسجد للسهو وسلم، وإنما قلنا: يسجد للسهو؛ لأنه طوَّل الجلوس بين السجدتين بالتشهد، فإن لم يكن طوَّل، ولا قرأ شيئاً من التشهد لا يلزمه سجود السهو " انتهى.

وجاء في "التاج والإكليل" (2/50) – مالكي -: "  اللخمي: إذا نسي سجدة من الرابعة سجدها وأعاد التشهد وسجد بعد السلام.." انتهى.

وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، عن إمام أتى بسجدة واحدة في الركعة الأخيرة:

" الواجب على هذا الإمام الذي ترك السجدة الثانية من الركعة الأخيرة نسيانا : أن يأتي بهذه السجدة التي نسيها فقط بعد أن نبهه المأمومون في التشهد الأخير، ثم يتشهد التشهد الأخير بعد إعادة تلك السجدة، ولا يعتد بالتشهد الذي أتى به قبلها؛ لأن الترتيب بين أفعال الصلاة ركن من أركانها ثم يسجد سجود السهو..."

 اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز آل الشيخ ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية" (6 / 35 – 36).

ثانيا: في موضع سجود السهو 

موضع سجود السهو في مثل هذه الحال وغيرها محل خلاف بين أهل العلم، هل يكون بعد السلام أو قبله، وكثير من أهل العلم يرون أن الجميع جائز.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وقد حكى ابن المنذر، عن أهل الرأي، أنهم يرون السجود قبل السلام جائزا، والسجود بعده أفضل.

وكذلك حكى ابن عبد البر اختلاف العلماء في محل السجود، ثم قال: كل هؤلاء يقولون: لو سجد بعد السلام ، فيما فيه السجود قبله : لم يضره . وكذلك لو سجد قبله ، فيما فيه السجود بعده : لم يضره، ولم يكن عليه شيء.

وقال الماورديّ من الشافعية في كتابه "الحاوي": لا خلاف بين الفقهاء - يعني: جميع العلماء - أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده، وإنما اختلفوا في المسنون والأولى: هل هو قبل السلام، أو بعده؟

ثم ذكر اختلاف العلماء في ذلك.

وكذلك صرح بهذا طوائف من الحنفية والمالكية والشافعية، ومن أصحابنا كالقاضي أبي يعلى وأبي الخطاب في "خلافيهما" وغيرهما من بعد.

وفي "تهذيب المدونة" للمالكية: ومن وجب عليه سجود سهو بعد السلام، فسجده قبل السلام أجزأه... " انتهى من "فتح الباري" (9 / 455 – 456).

والحاصل :

أن صلاتك صحيحة، ولا تجب عليك الإعادة.

 ثالثا: متى يكون تارك الصلاة متعمداً تركها؟

من ترك فريضة عمدا حتى خرج وقتها، فقد أتى كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وذهب جماعة من السلف- وهو المروي عن كثير من الصحابة- أنه يكفر بذلك.

وينظر: جواب السؤال رقم : (83165).

ومن صلى الصلاة في وقتها، وشك في لزوم الإعادة، وانشغل بالبحث عن حكم صلاته ثم بالوضوء حتى خرج الوقت، فهذا معذور، ولا يقال: إنه تعمد تأخير الصلاة عن وقتها.

ولو أن إنسانا نسي الصلاة ولم يبق على خروج الوقت إلا دقيقتان، وكان وضوؤه يؤدي إلى إيقاع الصلاة بعد الوقت- كما حصل معك بعد قرارك إعادة الصلاة- فإنه يتوضأ، وهو معذور في إخراج الصلاة عن وقتها؛ لأنه شغل بتحصيل شرط الصلاة وهو الطهارة.

قال في "زاد المستقنع" ص38: " ويحرم تأخيرها عن وقتها إلا لناوي الجمع ، ولمشتغل بشرطها "الذي يحصله قريبا" انتهى.

والله أعلم.