عنوان الفتوى : حكم اشتراط الوسيط المقرِض على المقترض أن تكون تجارته عن طريقه
لدي استفسار حول الرافعة المالية في الفوركس، فقد بدأت التداول مع وسيط تداول بحساب إسلامي، يوفر تداولا ورافعة مالية خالية من رسوم التبييت أو الفوائد الربوية، ولا يتقاضى أي عمولة مني، ولكنه يتقاضى عمولته عبر السبيرد ـ الفرق بين سعر الطلب والعرض ـ فهو في كل الأحوال يتقاضى عمولة ثابته تتناسب مع السبيرد، فمثلا لو اشتريت زوج اليورو الدولار، فإن الفرق بين البيع والشراء ـ السبيرد ـ هو 17 نقطة، فعند الدخول بعقد مصغر بقيمة 1000$ فإنه يحصل على عمولة قيمتها 17سنتا في حال استخدامي للرافعة المالية، ولو دخلت بعقد كامل 100000$ فإنه يحصل على عمولة بمبلغ 17$ علما بأن كل نقطة قيمتها سنت واحد، وكلما زاد حجم العقد زادت قيمة النقطة، وبالتالي تزداد قيمة العمولة، كما أن الوسيط يرهن مبلغا من رصيدي مقابل الرافعة المالية ـ يسمى بالمارجن أو الهامش ـ بحيث لا تمتد الخسارة لأكثر من رصيدي لديه في حال الخسارة ـ ملاحظة: الوسيط الذي يقرضني يحصل له نفع من زيادة حجم العقد فقط، كما أوضحت سابقا لأن عدد النقاط ثابت 17 نقطة لزوج اليورو والدولار، سواء اقترضت منه أم لا، ولا يشترط أي زيادة على القرض إذا كان القرض الذي أحصل عليه من البنك الذي يتعامل معه الوسيط وبدون فوائد، فما الحكم؟ وبالنسبة للجمع بين السلف والبيع فيقول الدكتور محمد علي القري في رسالة للمجمع الفقهي بدورته الثامنة عشرة إنه ليس كل جمع بين سلف وبيع حرام، لأن العلة الظاهرية لتحريم السلف والبيع هي ستر الزيادة في القرض، فإذا خلت المعاملة من الزيادة في القرض أو المحاباة في السعر، فلا محظور فيها، فعلى سبيل المثال لو كان البيع بثمن يتحدد في السوق لا يد للدائن فيه فيجوز الجمع بين سلف وبيع لانتفاء علة المنع وهي الزيادة في القرض أو المحاباة في السعر، وبهذا أفتى الطاهر بن عاشور عندما أقرض أصحاب معاصر الزيت زراع الزيتون واشترطوا أن يتم عصر الزيت عندهم، فقال فيها إنه يجوز لأنه لا مفر للزراع من دفع أجرة عصر الزيتون وكما هو معلوم فلا يد للوسيط في تحديد أسعار العملات في السوق فهي تتغير تبعا للعرض والطلب والبيانات الاقتصادية التي تصدر وتزيد في العرض والطلب، كما أن الوسيط لا يشترط أو يطلب زيادة على المبلغ الذي أقرضه.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسيط المقرض هنا يجني من وراء القرض فوائد مشروطة في عقد القرض، فهو يشترط استثمار المال من خلاله، ولا يمكن المقترض من سحب القرض أو الانتفاع به في غير ذلك، بل يتداول به فقط عن طريقه فتزداد عمولته إذا زادت قيمة الصفقة أو كثرت الصفقات لزيادة رأس المال، وقد ذكرت أن قيمة النقاط تزداد بزيادة قيمة الصفقة، كما أن كثرة الصفقات ينتج عنها كثرة العمولات. وعليه، فلا يجوز التعامل بتلك الرافعة لما جاء في قرار مجلس المجمع الفقهـي، في دورته الثامنة عشرة المنعقـدة بمكـة المكرمة، فـي الفترة من: 10ـ14ـ3ـ 1427هـ ـ أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ـ السمسرة ـ وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع المنهي عنه شرعًا في قول الرسول: لا يحل سلف وبيع… الحديث رواه أبو داود ـ 3ـ384 ـ والترمذي ـ3ـ526 ـ وقال: حديث حسن صحيح، وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعًا فهو من الربا المحرم. انتهى.
وراجع في ما لو كانت الرافعة من البنك لا الوسيط الفتوى رقم: 292438.
والله أعلم.