عنوان الفتوى : هل يتعارض ظهور القمر بالنهار، مع قوله تعالى ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر )

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف أجمع بين ظاهرة ظهور القمر بالنهار وبين قول الله تعالى (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

معنى قول الله تعالى : (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر)

المراد بالآية الكريمة - أخي الكريم -: أن الشمس لا ينبغي لها أن تطلع بالليل فيصير الليل نهارًا ، لأن الليل وقت طلوع القمر، ولا ينبغي للقمر أن يطلع بالنهار فيغطي ضوء الشمس، لأن هذا وقت طلوع الشمس .

ولم تنف الآية رؤية القمر بالنهار ، فظهور القمر نهارًا لا يعني وجود الليل ، ولا يعني الإدراك المقصود في الآية الكريمة.

يقول الإمام ابن جرير رحمه الله :

" لا الشمس يصلح لها إدراك القمر، فيذهب ضوؤها بضوئه، فتكون الأوقات كلها نهارا لا ليل فيها ، ( ولا الليل سابق النهار)  [يس: 40] : يقول تعالى ذكره: ولا الليل بفائت النهار ، حتى تذهب ظلمته بضيائه، فتكون الأوقات كلها ليلا " انتهى من "الطبري" (19/ 438).

وقال ابن كثير رحمه الله: " وقال هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب الآية [يونس: 5] ، وقال: وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا [الإسراء: 12] ، فجعل الشمس لها ضوء يخصها، والقمر له نور يخصه، وفاوت بين سير هذه وهذا، فالشمس تطلع كل يوم ، وتغرب في آخره على ضوء واحد، ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفا وشتاء، يطول بسبب ذلك النهار ويقصر الليل، ثم يطول الليل ويقصر النهار، وجعل سلطانها بالنهار، فهي كوكب نهاري.

وأما القمر، فقدره منازل، يطلع في أول ليلة من الشهر ضئيلا قليل النور، ثم يزداد نورا في الليلة الثانية، ويرتفع منزلة، ثم كلما ارتفع ازداد ضياء، وإن كان مقتبسا من الشمس، حتى يتكامل نوره في الليلة الرابعة عشرة، ثم يشرع في النقص إلى آخر الشهر، حتى يصير كالعرجون القديم.

وقوله: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) : قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ، ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا ، جاء سلطان هذا " انتهى من "تفسير ابن كثير"(6/ 578).

وأما الطاهر ابن عاشور رحمه الله ، فقد ذكر أن المعنى: نفي الاصطدام، فالشمس لا ينبغي لها أن تصطدم بالقمر، ولا العكس .

قال: " والمعنى: نفي أن تصطدم الشمس بالقمر، خلافا لما يبدو من قرب منازلهما " انتهى من  "التحرير والتنوير"(23/ 24).

وعلى أي من التقديرين: فلا تعارض بين رؤية القمر نهارا، في بعض الأوقات، وبين الآية الكريمة.

وينظر الجواب رقم : (267450).

والله أعلم.