عنوان الفتوى : الفرق بين أهل الكتاب والكفار
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {المائدة:57} فما الفرق بين الذين أوتوا الكتاب والكفار وأهل الكتاب؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل الكتاب هم الذين أوتوا الكتاب أنفسهم، والمراد بهم من له كتاب، كاليهود والنصارى الذين أنزل عليهم التوراة والإنجيل، وأما الكفار: فهم أعم من الكتابيين، فكل كتابي كافر، وليس كل كافر كتابياً، ويدل لدخول الكتابين في الكفار قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا {النساء: 150ـ 151}.
وقوله تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ {البينة:1}.
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ {البينة:6}،
وقال تعالى: يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون {آل عمران:70}.
وقال: قل يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون {آل عمران:98}.
وقد اختلف في غير اليهود والنصارى ممن يؤمنون بالزبور وصحف إبراهيم هل يدخلون في أهل الكتاب أم لا؟ فقد جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف العلماء في المراد بأهل الكتاب: فذهب الحنفية إلى أن المراد بهم: كل من يؤمن بنبي ويقر بكتاب, ويدخل في ذلك اليهود والنصارى, ومن آمن بزبور داود ـ عليه السلام ـ وصحف إبراهيم عليه السلام, وذلك لأنهم يعتقدون دينًا سماويًا منزلًا بكتاب, وذهب جمهور الفقهاء إلى أن المراد بهم: اليهود والنصارى بجميع فرقهم المختلفة دون غيرهم ممن لا يؤمن إلا بصحف إبراهيم وزبور داود, واستدلوا لذلك بقوله تعالى: أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ـ فالطائفتان اللتان أنزل عليهما الكتاب من قبلنا هما اليهود والنصارى, كما قال ابن عباس, ومجاهد, وقتادة, وغيرهم من المفسرين, وأما صحف إبراهيم وداود: فقد كانت مواعظ وأمثالًا لا أحكام فيها, فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على أحكام, قال الشهرستاني: أهل الكتاب: الخارجون عن الملة الحنيفية, والشريعة الإسلامية, ممن يقول بشريعة وأحكام وحدود وأعلام... وما كان ينزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ ما كان يسمى كتابًا, بل صحفًا. اهـ.
والله أعلم.