عنوان الفتوى : جواز إجراء عملية تعديل العيب
خلقني الله عز وجل وأكرمني بوحمة حمراء في وجهي والشفة السفلى من الفم أو ما يعرف طبيا بورم دموي حميد، ليجعل الربع السفلي الأيسر من الوجه لونه أحمر شديد الاحمرار دون أي تضحم وكأنه طبيعي جدا مع اختلاف اللون، ويظهر التورم في الشفة السفلى بحيث تظهر ممتلئة ويحمل هذا الورم احتمال الزيادة والتضخم المؤذي شكلا مع التغيرات الهرمونية عند البلوغ والحمل، ولكن حفظني الله من ذلك ولم يتضخم شكلي لأصبح مشوهة، وكنت أرفض أن أجري أية عمليات تجميل، لأنني أحب أن ألقى الله كما خلقني طاعة له وأحب شكلي هكذا وأخشى من خطأ الأطباء فيصبح أكثر تشوها بالإضافة لأسباب أخرى.... وقد أجبرني والدي على بعض الجلسات التجميلية في مصر منذ10 سنوات تقريبا عند أفضل الأطباء بمصر، ولكن حدث تشوه في الشفة السفلى، فلم يعد شكلها بالحسن وتبدو كأنها محروقة، ولم أشعر بالضيق من شكلي إلا نادرا نظرا لتأخر زواجي وعدم تقدم أي أحد لخطبتي وأنا في السابعة والعشرين من العمر، ورغم رضائي بذلك يود أبي أن يرسلني لأمريكا لوجود مركز طبي هناك يعالج هذا النوع من الوحمات بنسبة نجاح جيدة خاصة بعد مراسلة الطبيب الأمريكي وتطمينه بأن حالتي بسطة ولن تحدث أية أضرار عنها وأنه سيتخدم تقنيات تجميلية تعيد شكل الشفة لطبيعتها وتصغر حجمها لتتناسب مع الشفة العلوية ويزيل آثار العملية السابقة من تشوهات وكذلك يزيل اللون الأحمر من الوجه، لأنه يشعر أن هذا الأمر مسئوليته أمام الله وعليه إتمامه، فهل يجب علي أن أقبل بتلك العملية وأسافر للعلاج ارضاء لأبي واستغلالا للفرص والنعم التي أنعم الله بها علينا وعلى والدي، ولأكون مرغوبة للزواج ولا أصبح عانسا، علما بأنني قد عاهدت الله بأن أقبل بها ولا أغير خلقه الذي اختاره لي وميزني به عن غيري؟ وهل على والدي إثم إن لم أقم بالعملية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحرم من العمليات التجميلية هي التي يراد بها طلب الحسن وزيادة الجمال، بخلاف ما يراد بها إزالة ضرر أو معالجة عيب، وما أشبه ذلك، فلا حرج فيه، كما هو حال السائلة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: التجميل نوعان، النوع الأول: إزالة عيب، والنوع الثاني: زيادة تحسين، أما الأول: فجائز إزالة العيب، فلو كان الإنسان أنفه مائل فيجوز أن يقوم بعملية لتعديله، لأن هذا إزالة عيب، الأنف ليس طبيعياً، بل هو مائل فيريد أن يعدله، كذلك رجل أحول، الحول عيب بلا شك، لو أراد الإنسان أن يعمل عملية لتعديل العيب، فيجوز، ولا مانع، لأن هذا إزالة عيب... كذلك لو أن الشفة انشرمت فيجوز أن نصل بعضها ببعض، لأن هذا إزالة عيب، أما النوع الثاني: فهو زيادة تحسين، هذا هو الذي لا يجوز، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتفلجات للحسن... اهـ.
وعلى ذلك، فلا حرج في إجراء عملية تعالج آثار التورم الدموي الذي أصاب السائلة، فتعيد الشفة لشكلها وحجمها المعتاد، وتزيل ما لحقها من آثار تشوه العملية السابقة، وتوَّحِّد لون البشرة، ونفي الحرج هنا لا يعني الوجوب، لا على السائلة، ولا على والدها، فإن أرادت أن تبقى على حالها، فلا حرج في ذلك، ولا يأثم بذلك والدها، وأما أمر الزواج فهو من جملة الرزق المقدر سلفا، ولا يخفى أن إجراء العلمية لا يستلزم حصول الزواج، ولا عدمها يستلزم عدمه!
ويبقى هنا مسألتان:
الأولى: مسألة إرضاء الوالد، فإن ذلك مطلب شرعي، فإن كان إجراء هذه العملية جائزا، وكان فيه رضا الوالد، صار هذا المباح مستحبا أو واجبا بحسب الحال.
والثانية: مسألة معاهدة الله على عدم تغيير الخلقة التي قدرها سبحانه وتعالى، فهذه حكمها حكم اليمين، لكونه عهدا على ترك مباح، فهو التزم بها ما ليس بقربة، فيكون يمينا لا نذرا، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 317407.
فإن أجريت العلمية فيكفيك أن تخرجي كفارة يمين.
والله أعلم.