عنوان الفتوى : هل تبرأ ذمة من عمل بقاعدة: اليقين لا يزول بالشك

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كنتُ قد أرسلتُ إلى حضراتكم عدة أسئلة أخبرتكم فيها أنني كثيرًا ما أفكر في النذر، وتحديدًا التبرع، وكثيرًا ما كان يشتبه عليَّ الأمر ولا أعرف هل وقعتُ في النذر أم لا؟ وكان رد حضراتكم في جميع الفتاوى أنه لا يلزمني شيء، وأن هذه الأفكار نتاج الوسواس، وأنه يجب عليَّ الإعراض عن هذه الوساوس وتجاهلها، فماذا لو فرضًا اتضح يوم القيامة أنني تلفظتُ فعلاً بلفظ النذر ولم يكن الأمر شكًا، أو ثبت أن لفظ النذر كان بالاختيار ولم يكن نتاج الوسواس؟ وهل سأحاسب وقتها على أنني أكلتُ أموالاً حرامًا كان من المفترض أن أتبرع بها؟ أم أن ذمتي ستبرأ باعتبار أنني استندتُ إلى القاعدة الشرعية التي تقول: إن الشك في النذر لا يعتد به وإن الأصل براءة الذمة؟ وما هي الأدلة التي استندتْ إليها هذه القاعدة الشرعية؟ وهل هذا رأي راجح أم مرجوح؟ أريد فقط أن يطمئن قلبي، خصوصًا بعدما قرأتُ أن الإمام الشافعي قال: وإذا قال الرجل أنا أشك هل أطلقت امرأتي أم لا، قيل له الورع أن تطلقها. وجزاكم الله خيرًا.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فقاعدة: اليقين لا يزول بالشك ـ من القواعد الفقهية الكبرى التي عليها مدار كثير من مسائل الفقه، وأدلتها كثيرة جدا من أوضحها قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه.

فإذا علمت هذا فلتطب نفسك وليهدأ بالك، فإنك متى عملت بهذه القاعدة برئت ذمتك في الدنيا والآخرة، ولم يكن عليك إثم ولا تبعة عند الله تعالى، لأنك عملت بما أمرك به وشرعه لك، ولا علاقة لك بما في نفس الأمر، فلو فرض أنك كنت نذرت حقيقة ولكنك تجاهلت هذا الأمر لكونه شكا، فلا تبعة عليك ولا إثم عند الله تعالى، لأنك عبدته بما شرعه لك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه القاعدة صواب بلا شك، والعمل بها يحل كثيرا من المشكلات لدى كثير من الناس، وبخاصة في حق من تسلطت عليه الوساوس ـ كما هو الشأن معك ـ فدع عنك هذه الوساوس وأغلق هذا الباب تماما ولا تفكر في هذه الأمور، وتجاهل هذه الشكوك كلها، وكلما شككت هل نذرت أو لا فابن على الأصل وهو أنك لم تنذر، وأن الأصل براءة ذمتك، فإنه لا علاج للوساوس أمثل من تجاهلها والإعراض عنها.

والله أعلم.