عنوان الفتوى : يحكم على الثقافة بميزان الشرع
ما حكم الثقافة شرعاً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن أصل هذه الكلمة "ثقافة" في لغة العرب أنها مصدر من الفعل ثقف، وثقف الشيء ثقفاً وثقافاً وثقوفة بمعنى حذقه، ورجل ثقف وثقف وثقف، بسكون القاف وكسرها وضمها: حاذق فهم، كذا في لسان العرب. وثقافة القوم هي المبادىء التي تقوم عليها عاداتهم وتقاليدهم، وهذه إنما يحكم عليها بحسب موافقتها أو مخالفتها لأحكام الشرع، إذ أن شرع الله تعالى هو الميزان الذي يحكم به على الشيء هل هو حق أو باطل، كما قال الله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، وقال سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59]. والذي نراه اليوم من أمور يحكم عليها بأنها ثقافة وحضارة ما هي إلا رجعية وتخلف، لأن مصدرها زبالات أفكار لقوم لا يقيمون لشرع الله وزنا، ولا يرفعون به رأساً، فأصبح عند هؤلاء الغناء والمعازف والرقص والتمثيل، ودراسة أفكار دارون، وفرويد، وديكارت كل هذا من الثقافة، وهذه أصدق ما يطلق عليها من لفظ هو كونها "سخافة" وسفه عقول، ويوم انخدع المسلمون بها، وساروا وراء سرابها، كانوا على الحال الذي نراه اليوم من الضعف والذل والهوان، وصدق الرب الحكيم في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [آل عمران:149]. فعلم بذلك أن ثقافة المسلم إنما تستمد من المنبع الصافي، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذين أصلهما وحي رب العالمين: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]. ويوم كان هذا مصدر ثقافة الأمة عزت وسادت، ونصرت ومكن لها وأذل الله أعداءها. والله أعلم.