عنوان الفتوى : السعي في تخريب المساجد يشمل كل أنواع التعطيل
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم يا إخوة الإسلام أما بعد: فإن سؤالي يتمحور في جانب مهم للغاية وهو كيفية إعمار بيوت الله من المساجد إذا صح لي القول وقلت إن الإمام لا يشجع على إعمارها وسؤالي هذا في حقيقته لا يعد كما قلت لأنه تعجب. إن هذا الإمام وهو الإمام الوحيد الذي يصلي بنا لا يوجد سواه لأن الإمام عندنا لا يمكن أن يكون إماما إلا إذا توافرت به شروط تتماشى مع الوضع السياسي في بلادنا إذا صلى بنا كانت قراءته للسور بسرعة حتى لا نكاد نفهم من قراءته شيئاً بالإضافة إلى الركوع والسجود وهذا الشيء في حقيقته يؤلمني لأن الله يستحق منا العبادة المتزنة ولذلك قررت بأن لا أصلي في المسجد لأني أصبحت أخاف أن يجيء يوم وأقصر في واجبي أمام الله وأخاف أن تصبح صلاتي كنقر الديك إذا صح القول. والسلام عليكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عمارة بيوت الله تعالى تتطلب تشييدها وتأسيسها على السنة، والمحافظة عليها بالرعاية والنظافة والصيانة. وعمارتها تكون بالعبادة فيها وأداء الصلوات، وفتح أبوابها لمن أراد ذلك دائماً، ومن عمارتها إقامة الدروس، وتعليم الناس ما ينفعهم في دينهم وفي دنياهم، فالمسجد أهم مؤسسة عند المسلمين، وأول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه إلى المدينة المنورة هو تشييد المسجد، فكان مسجده صلى الله عليه وسلم مكاناً للصلاة والعبادة، وكان مدرسة يتعلم فيها المسلمون ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم، وكان محل الاجتماعات العامة يلتقي فيه المسلمون، ومركز القيادة العليا، فيه تعقد الألوية، ومنه تنطلق الجيوش والسرايا والبعوث الدعوية. ومن يعطل المسجد عن أداء دوره في المجتمع، وتبليغ رسالته على النحو الذي كان عليه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومساجد السلف الصالح، فإنه يسعى لتهميشه والتقليل من أهميته، وبالتالي خرابه، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114]. والسعي في التخريب لا يقتصر على التخريب المادي، وإنما يشمل كل أنواع التعطيل المؤدي في النهاية إلى تهميش المسجد وإماتته وشل حركته. وأما الأولى بالإمامة في المسجد والإقامة على شؤونه فهو أعلم القوم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا. ويجب على الإمام -كما يجب على غيره- أن يتأنى ويطمئن في صلاته، ويرتل القرآن ترتيلاً كما أمر الله تعالى، وترتيل القرآن هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. والطمأنينة من فروض الصلاة وأركانها، ولا تتم إلا بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل صلى ولم يطمئن في صلاته: ارجع فصلّ، فإنك لم تصلّ ثلاث مرات حتى قال له: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة ومنها: ثم اركع حتى تطمئن راكعاً... والحديث في الصحيحين وغيرهما. وننصح السائل بألا ينقطع عن المسجد، لأن الصلاة في المسجد مع الجماعة واجبة على الرجال -في الراجح من أقوال أهل العلم- ولا يجوز التخلف إلا بعذر. فإن كان هذا الإمام يطمئن في الأركان قدر ما تحصل به الفريضة، وتقدير ذلك قدر ما تحصل به تسبيحة واحدة على الأقل، فالصلاة صحيحة إن شاء الله تعالى، ولا داعي للتخلف عنها. والله أعلم.