عنوان الفتوى : حكم صلاة الفوائت جماعة
سؤالي يتعلق بالصلاة جماعة بعد خروج وقتها. علمنا من فتواكم أنه لا يترك الصلاة إلا كافر، ولا يؤخرها أو يتكاسل عنها إلا منافق. فماذا بشأن من نسي أو غلب عليه نومه للفجر؟ وهل تجوز الصلاة لو كانا اثنين أو أكثر في جماعة؟ وما هو الأولى فردًا أم جماعة؟ وماذا لو سمع الأذان أو المنبه لصلاة الفجر ولكن نوى أن ينام حتى إقامة الصلاة وغلب عليه نومه؟ هل كفارتها بقضائها عند استيقاظه؟ وهل يستطيع صلاتها في جماعة مع آخر؟ أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن فصلنا القول في حكم تارك الصلاة جحودًا وكسلًا، وأن أهل العلم اختلفوا في إسلامه وكفره، وأنه مسلم عاص في قول جمهور أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 130853.
وأما من فاتته بعذر من نوم أو نسيان: فإنه لا إثم عليه، ولم يقل أحد من أهل العلم -فيما نعلم- إنه كافر أو فاسق أو عاص، بل هو معذور، والواجب عليه أن يصلي عند استيقاظه أو تذكره؛ لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَغْفُلُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ يَرْقُدُ عَنْهَا، قَالَ: «يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا». رواه ابن ماجه.
وفي سنن النسائي من حديث أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْمَهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، سَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ: «اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ». فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا بِلَالٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيْ بِلَالُ». فَقَالَ بِلَالُ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ -بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ- بِنَفْسِكَ، قَالَ: «اقْتَادُوا». فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
والأولى أن يصليها جماعة، فمن نام عن صلاة واستيقظ، أو نسيها وتذكرها، وأمكنه أن يصليها جماعة فليصلها جماعة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما في الحديث السابق.
وكذا لو استيقظ بعد دخول الوقت، ثم غلبته عيناه ونام، فإن الأفضل في حقه أن يصليها جماعة، ومهما أمكن الإنسان أن يصلي الصلاة جماعة فهو أفضل من صلاتها منفردًا سواء الأداء أم القضاء، وانظر الفتوى رقم: 141107 عن حكم النوم بعد دخول وقت الصلاة.
والله تعالى أعلم.