عنوان الفتوى : حول الملحمة الكبرى وخروج المهدي وفتح القسطنطينية
هل حديث الملحمة الكبرى في الإسلام حق؟ وهل خروج المهدي يكون قبلها؟ وهل يتم فتح القسطنطينية مرة أخرى؟. وشكرا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت الأحاديث الصحيحة بأن من علامات الساعة وقوع ملحمة عظيمة بين المسلمين والروم بالشام في آخر الزمان، ففي صحيح البخاري عن عوف بن مالك، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال: اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا.
وفي سنن أبي داود: ستصالحون الروم صلحا آمنا، فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم، فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة. وصححه ابن حبان، والألباني.
وأما سؤالك: وهل يتم فتح القسطنطينية مرة أخرى ـ فإن القسطنطينية ستفتح عقب تلك الملحمة، وقبل خروج الدجال بيسير، كما في سنن أبي داود عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال. قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد وحديث حسن، وعليه نور الصدق وجلالة النبوة.
وهذا الفتح للقسطنطينية سيكون دون قتال، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ـ قال ثور: لا أعلمه إلا قال ـ الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم، إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.
وبهذا يتبين أن فتح القسطنطينية المذكور في النصوص لم يأت بعد، وأنه ليس هو الفتح الذي حصل في زمن الخلافة العثمانية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 212011.
وأما عن توقيت ظهور المهدي بالنسبة للملحمة: فقد جاء أن المهدي يكون قد ظهر حين نزول عيسى بن مريم، فقد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده: عن جابر، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا فيقول لا، إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة.
قال ابن القيم: وهذا إسناد جيد ـ وأصله في صحيح مسلم دون ذكر المهدي.
ونزول عيسى بن مريم يكون عقب الملحمة وفتح قسطنطينية وخروج الدجال، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاءوا الشأم خرج، فبينما هم يعدون للقتال، يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمهم، فإذا رآه عدو الله، ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته.
فيتبين من هذا أن المهدي يكون ظاهرا بعد الملحمة الكبرى التي تكون بين المسلمين والروم، وأما هل يكون قد ظهر قبل الملحمة؟ لا نعلم شيئا صريحا في هذا، لكن كان بعض العلماء يرى أن الجيش الذي يقاتل الروم في الحديث الأخير هذا هو جيش المهدي، فقد جاء في مرقاة المفاتيح تعليقا على الحديث: قال في الأزهار: المراد بالجيش الخارج إلى الروم جيش المهدي بدليل آخر الحديث. اهـ.
وفي الفتن لنعيم بن حماد: عن كعب، قال: المهدي يبعث بقتال الروم.
والله أعلم.