عنوان الفتوى : شراء الكتب الموقوفة وبيعها
من الشيخ عبيد إخوان صاحب المكتبة العربية فى دمشق بما صورته وبعد فنحن بائعو كتب وربما عرض علينا كتب موقوفة وهى على أنواع منها ما كتب عليه وقف فقط ومنها ما كتب عليه وقف لله تعالى ومنها ما كتب عليه وقف على طلبة العلم أو على فئة مخصوصة منهم ومنها ما كتب عليه وقف لله تعالى على أولاد فلان وذريته وقد يكون هذا الرجل معروفا وقد يكون غير معروف ومنها ما كتب عليه وقف على الجهة الفلانية من مسجد أو مكتبة أو نحوهما وقد تكون هذه الجهة معروفة وقد تكون مجهولة فهل يجوز لنا أن نشترى هذه الأنواع أو نبيعها أو نشترى شيئا منها ونبيعه ثم قد نشترى طائفة كبيرة من الكتب صفقة واحدة على أنها غير موقوفة فيظهر لنا بعد حين أن بعضها موقوف فهل يجوز لنا بيع ما كان كذلك نرجو من فضيلتكم بيان حكم الله تعالى فى هاته البيوع لكنون على بصيرة فيما نأتى وما ندع والله لا يضيع أجر المحسنين
اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أولا أن فقهاء الحنفية جروا على أن الخط ليس بحجة إلا فى أحوال مخصوصة ليس ما فى السؤال منها ومن أجل ذلك قالوا إن كتاب الوقف الذى ليس له أصل محفوظ فى دواوين القضاة ليس بحجة. قال فى تنقيح الحامدية نقلا عن الخانية ما نصه (رجل فى يده ضيعة فجاء رجل وادعى أنها وقف وأحضر صكا فيه خطوط العدول والقضاة الماضية وطلب من القاضى القضاء بهذا الصك قالوا ليس للقاضى أن يقضى بذلك الصك لأن القاضى إنما يقضى بالحجة والحجة هى البينة أو الإقرار وأما الصك فلا يصلح حجة لأن الخط يشبه الخط وكذا لو كان على باب الدار لوح مضروب ينطق بالوقف لا يجوز للقاضى أن يقضى بالوقف ما لم تشهد الشهود) . وثانيا - أنه قد جاء فى المبسوط ما نصه (ولو اشترى طعاما أو جارية أو ملك ذلك بهبة أو ميراث أو صدقة أو وصية فجاء مسلم ثقة فشهد أن هذا لفلان الفلانى غصبه منه البائع أو الواهب أو الميت فأحب إلى أن يتنزه عن أكله وشربه والوضوء منه ووطء الجارية لأن خبر الواحد يمكن ريبة فى قلبه والتنزه عن مواضع الربية أولى وإن لم يتنزه كان فى سعة من ذلك لأن المخبر هنا لم يخبر بحرمة العين إنما أخبر أن من تملكه من جهته لم يكن مالكا وهو مكذب فى هذا الخبر شرعا فإن الشرع جعل صاحب اليد مالكا باعتبار يده ولهذا لو نازعه فيه غيره كان القول قوله وعلى هذا أيضا لو أذن له ذو اليد فى تناول طعامه وشرابه فأخبره ثقة أن هذا الطعام والشراب فى يده غصب من فلان وذو اليد يكذبه وهو متهم غير ثقة فإن تنزه عن تناوله كان أولى وإن لم يتنزه كان فى سعة وفى الماء إذا لم يجد وضوءا غيره توضأ به ولم يتيمم لأن الشرع جعل الوقل قول ذى اليد فيما فى يده) . ثم جاء به بعد كلام ما نصه (ولو أن رجلا مسملا شهد عنده رجل أن هذه الجارية التى هى فى يد فلان وهى مقرة له بالرق أمة لفلان غصبها والذى فى يده يجحد ذلك وهو غير مأمون على ما ذكر فأحب إلى أن لا يشتريها، وإن اشتراها ووطئها فهو فى سعة من ذلك لأن المخبر مكذب فيما أخبر به شرعا والقول قول ذى اليد أنها مملوكة له فله أن يعتمد الدليل اشرعى فيشتريها وإن احتاط فلم يشترها كان أولى له لأنه متمكن من تحصيل مقصوده بغيرها، وابن مسعود رضى الله عنه كان يقول فى مثله كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام، ولو أخبره أنها حرة الأصل أو أنها كانت أمة لهذا الذى فى يده فأعتقها وهو مسلم ثقة فهذا والأول سواء كما بيننا أن المخبر مكذب شرعا وأن تصادقهما على أنها مملوكة لذى اليد حجة شرعا فى إثبات الملك له فللمشترى أن يعتمد الحجة الشرعية والتنزه أفضل) . ومن هذه يعلم أن للشخص أن يعتمد على قول ذى اليد أن ما فى يده مملوك له لأن الشرع جعل صاحب اليد مالكا باعتبار يده واعتبر يده دليلا شرعيا على الملك فما لم تقم حجة شرعية على أن الأمر بخلاف ما ذكر صاحب اليد فللمرء أن يعتمد قوله ويشترى منه ما فى يده والأفضل له أن يتنزه فلا يشترى - ومن ههنا تبين أن شراء هذه الكتب ممن هى فى يده جائز شرعا ولا حرمة فيه إذا لم تقم حجة شرعية على أنها وقف، لما علم سابقا من أن مجرد الخطط ليس بحجة عند الحنفية وتبين أيضا أنه يجوزله التصرف فيها بأى ضرب من ضروب التصرف ولكن إذا تنزه المرء عن هذا كله كان أولى. وأفضل اجتنابا لما فيه الريبة وقد قال عليه الصلاة والسلام (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) أما إذا قامت حجة شرعية على أنها وقف فلا يجوز التصرف فيها بأى ضرب من التصرفات السابقة بل يجب ردها لجهة وقفها هذا والله سبحانه وتعالى أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |