عنوان الفتوى : أذن لزوجته في الحج ودفع لها تكاليفه فهل لها أن تحج عن غيرها دون علمه؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجة دفع لها زوجها تكاليف الحج ، وبعد التسجيل في الحج عرض عليها من إحدى صديقاتها أن تحج لشخص آخر ، فغيرت نيتها قبل بدء الحج ، وأعطتها المبلغ المتفق عليه ، فهل تخبر زوجها ، وتعطيه ما دفع لها ، أم أنها لا تخبره ، وتأخذ جميع المبلغ لها دون علمه ؟ وإذا لم تخبره فهل عليها إثم ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

إذا كانت المرأة قد حجت عن نفسها، جاز لها أن تحج عن غيرها.

والأصل في ذلك ما روى أبو داود (1811) ، وابن ماجه (2903) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ قَالَ:  مَنْ شُبْرُمَةُ؟  قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي قَالَ:  حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟  قَالَ لَا قَالَ:  حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ  " .

والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

ومن لم يحج عن نفسه ، لم يجز له أن يحج عن غيره، فإن فعل وقعت الحجة له، وعليه أن يرد ما أخذ من مال للحج عن غيره.

قال في "كشاف القناع" (2/ 396): " (ومن عليه حجة الإسلام أو) عليه حجة قضاء أو نذر لم يصح ولم يجز أن يحج عن غيره؛ لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة احتج به أحمد في رواية صالح وإسناده جيد وصححه البيهقي؛ ولأنه حج عن غيره قبل حجه عن نفسه فلم يجز كما لو كان صبيا، (ولا نذره ولا نافلته) أي: لا يجوز أن يحرم بنذر ولا نافلة من عليه حجة الإسلام.

(فإن فعل) بأن حج عن غيره وعليه حجة الإسلام أو أحرم بنذر أو نافلة إذن (انصرف إلى حجة الإسلام) في الصور كلها؛ لما روى الدارقطني بإسناد ضعيف: هذه عنك وحج عن شبرمة ، وقوله: " أولا حج عن نفسك " أي: استدمه كقولك للمؤمن: آمن؛ ولأن نية التعيين ملغاة فيصير كما لو أحرم مطلقا، وقوله: - صلى الله عليه وسلم - اجعل هذه عن نفسك رواه ابن ماجه، أجاب القاضي عنه بأنه أراد التلبية لقوله: " هذه عنك " ولم يجز فسخ حج إلى حج، وردّ النائب (ما أخذ) من غيره ليحج عنه؛ لعدم إجزاء حجه عنه ووقوعه عن نفسه" انتهى.

ثانيا:

إذا كانت هذه المرأة قد حجت عن نفسها، وأرادت أن تحج عن غيرها، وقد دفع لها زوجها تكاليف الحج، لزمها أن تخبره بذلك، سواء أخذت نقودا من الغير أم لا؛ لأن زوجها إنما أذن لها بالخروج في الحج، ودفع لها تكاليفه، لتحج عن نفسها، فليس لها أن تستعمل المال في غير ذلك، وإلا كانت آكلة للمال بالباطل.

ولأنه قد يأذن لها في سفر الحج عن نفسها، ولا يأذن لها في السفر لتحج عن غيرها، وليس للمرأة أن تسافر لحج التطوع إلا بإذن زوجها، وينظر: جواب السؤال رقم : (40525) . 

قال الشيخ سليمان بن عمر الجمل رحمه الله – شافعي - : " لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ : تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ ؛ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ " انتهى من "حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/ 328).

 وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من "اللقاء الشهري" (4/ 9).

فعلى هذه المرأة أن تستأذن زوجها في السفر للحج عن غيرها، وأن تخبره بالمال المدفوع لها، وأن تعمل بما يقرره هو في ذلك.

والله أعلم.