عنوان الفتوى : وقف الذمى بين الصحة والبطلان
من أحمد أفندى قال بتاريخ 12 مايو سنة 1910 لدى محكمة نجع حمادى الشرعية. صدر وقف من داود بك تكلا وزوجته - الست سيدة بنت فلسطين لمقدار 1009 أفدنة وكسور بالجهات المبينة بتلك الحجة بما يتبع تلك الأطيان من البناء والغراص وغيرهما. وأنشآ الوقف المذكور على نفسهما مدة حياتهما ينتفع كل منهما بما هو فى حيازته بكل وجوه الانتفاعات الشرعية الوقفية - ثم من بعد وفاة أحدهما يصرف ريع وقفهما بتمامه على من يبقى منهما مدة حياته ولا حق فيه لذريته إلا بعد وفاتهما معا ثم من بعدهما يكون وقفا على الأوجه التى ستشرح فيه - ما هوالربع شائعا فى جميع الأطيان وما بها من نخيل وأشجار وعيون سواق وقفا على الجهات الستة الآتى بيانها وهى 1 - الكنيسة الإنجيلية الشيخية ببهجورة مادامت تابعة لكنيسة الشيخية المتحدة العمومية. 2 - سنورس النيل للكنيسة السيخية المصرية. 3 - المتقاعدون عن العمل من خدام الكلمة بالكنيسة الشيخية المصرية قسوسا ومبشرين بشرط أن يكون تقاعدهم بسبب عاهة أو مرض لا يمكنهم من العمل التبشيرى. 4 - التبشير بالإنجيل فى الديار المصرية والأقطار السودانية بشرط ان يكون التبشير بواسطة سنورس النيل بالكنيسة الشيخية المصرية. 5 - جمعية توزيع الكتب المقدسة التابعة للكنيسة الإنجيلية الشيخية. 6 - العجزة وذوى العاهات والأرامل والأيتام والقصر من الأقباط المسيحيين ببهجورة، بروتستانت وأرثوذكس، ويشترط فى كل من هؤلاء أن يكون عديم الكسب ويصرف ريع هذه الحصة على الجهات الستة المذكورة بالمساواة بينها على الوجه المشروح بها، وباقى الموقوف يكون وقفا على حسب ما هو مبين بالحجة، وشرطا شروطا منها أنهما اشترطا لأنفسهما الشروط العشرة وهى الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن يشاءان متى شاءا وأن يشترطا الشروط المذكورة أو ما يشاءان متى شاءا وأن يجعلا النظر لمن يشاءان متى شاءا، يفعلان ذلك ويكرر انه مرارا عديدة كلما بدا لهما فعله شرعا، وليس لأحد من بعدهما فعل شىء من ذلك بدون أن يشترطا له ذلك، وتحررت بذلك حجة شرعية فى 26 سبتمبر سنة 1910 من المحكمة المذكورة. وبتاريخ 8 أكتوبر سنة 1931 لدى محكمة اسكندرية الشرعية أشهدت على نفسها الست سيدة فلسطين الواقفة الثانية المذكورة بأنها بتاريخ 26 سبتمبر 1910 أوقفت هى وزوجها داود بك تكلا أطيانا قدرها 1009 أفدنة وكسور بمحكمة نجع حمادى الشرعية. من ذلك 15 سهما، 23 قيراطا، 633 فدانا شيوعا فى الأطيان المذكورة وقفا من داود بك تكلا والباقى وقدره 10 أسهم، 375 فدانا وقفا للست سيدة فلسطين المذكورة، وجعلاه وقفا على أنفسهما مدة حياتهما ثم من بعد أحدهما يكون جميع الموقوف وقفا على الآخر منهما ومن بعد وفاتهما يكون الربع شائعا فى الأطيان المذكورة جميعها الموقوفة منهما وقدره 252 فدانا وربع فدان تقريبا، من ذلك 93 فدانا وثلاثة أرباع الفدان تقريبا قيمة الربع من أيطان الست المذكورة وباقى الربع من يان زوجها داود بك تكلا المذكور يكون وقفا على الجهات الستة المبينة بكتاب الوقف المذكور (وهى الجهات التى أشرنا إليها قبل) . وقد أشهدت على نفسها الست سيدة فلسطين المذكورة (بما لها من الشروط العشرة وتكرارها فى الوقف المذكور) بأنها أخرجت من الآن الجهات الستة المذكورة أعلاها مما هو موقوف عليها فى وقفها وقدره 93 فدانا وثلاثة أرباع الفدان تقريبا وجعلته وقفا على مدرسة البنين والبنات التى أنشأها الواقفان المذكوران بناحية بهجورة على الصفة الواضحة بهذه الحجة. فما هو الحكم الشرعى فى الوقف على الجهات الستة المذكورة بكتاب الوقف الأول، وهل الوقف عليها يعتبر وقفا صحيحا شرعيا أو أن الوقف عليها وقع غير صحيح. خصوصا وليس فى كتاب الوقف ما يدل على جعل مآله لجهة بر لا تنقطع. وإذا لم يصح الوقف على هذه الجهات كلها أو بعضها فما حكم الموقوف على من لم يصح الوقف عليه من بينها أرجو التفضل بالجواب ولكم حسن الثواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف الصادر من محكمة نجع حمادى الشرعية فى 12 مايو سنة 1910 والمحرر بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1910 وعلى كتاب وقف المدرسة الصادر أيضا من محكمة نجع حمادى الشرعية بتاريخ 19 مايو سنة 1910 وعلى كتاب التغيير الصادر من الزوجة بمحكمة الاسكندرية الشرعية فى 8 أكتوبر سنة 1931 وقد جاء بكتاب الوقف الأول ما نصه (أشهد الشاهدان المذكوران على أنفسهما حضرة الأمثل داود بك تكلا والست قرينته سيدة الشهادة الشرعية بأنهما وقفا وحبسا وسبلا وخلدا وتصدقا لله سبحانه وتعالى بجميع الأطيان) إلخ وجاء به فى الشروط (ومنها أن مآل هذا الوقف عند انقطاع سبله إلى الفقراء والمساكين من الأقباط المسيحيين أعضاء الكنيسة الإنجيلية الشيخية المصرية والفقرءا والمساكين من الأقباط المسيحيين) الخ - ونفيد أنه قد جاء فى فتوى لنا سابقة صادرة بتاريخ أول فبراير سنة 1936 فى حادثة أخرى ما نصه (أن وقف الذمى على ما هو قربة شرط فيه أن تكون هذه القربة قربة عندنا وعندهم، كوقفه على فقراء ملته أو على فقراء ملة أخرى. فإن التصدق على الفقراء مطلقا قربة عندنا وعندهم. أما إذا وقف على ما هو قربة عندنا فقط كالوقف على الحرمين الشريفين أو على ما هو قربة عندهم فقط كالوقف على الرهبان والقسيسين أو المبشرين فهذا الوقف غير صحيح، بمعنى عدم صحة جعل هذه الجهة مصرفا لهذا الوقف، وعلى هذا لا يصح جعل القسيسين والمبشرين المذكورين مصرفا فلا يصح الصرف إليهم شرعا بل يصرف إلى من عداهم من الفقراء والمساكين والأيتام. فقد جاء فى كتاب الخصاف بصفحة 337 ما نصه (قلت وكذلك إن قال على الرهبان والقسيسين قال هذا باطل قلت فإن خص فقال الرهبان والقسيسين الذين فى بيعه كذا وكذا قال هذا باطل قلت وكذلك إن قال على القوام الذين فى بيعة كذا وكذا قال هذا باطل كله باطل. قلت فما تقول إن قال جعلت أرضى هذه صدقة موقوفة تجرى غلتها على فقراء بيعة كذا وكذا. قال هذا جائز من قبل أنه إنما قصد فى هذا إلى الصدقة. ألا ترى انه لو وقف وقفا على فقراء النصارى أنى أجيز ذلك. وكذلك لو عم ولم يخص فقال تجرى غلة صدقتى هذه على الفقراء قال هذا جائز، قلت فما تقول إن جعل الذمى أرضا صدقة موقوفة فقال تنفق غلتها على بيعة كذا وكذا فإن خربت هذه البيعة كانت غلة هذه الصدقة بعد النفقة عليها فى الفقراء والمساكين قال يجوز وتكون فى الفقراء والمساكين ولا ينفق على البيعة من ذلك شىء، قلت فما الذى يجوز لأهل البيعة من ذلك قال ما كان عند المسلمين قربة إلى الله تعالى وما كان عند أهل الذمة قربة فاجتمع فيه الأمران من المسلمين ومنهم أنفذته وأمضيته. وما كان عند أهل الذمة قربة وليس هو بقربة عند المسلمين لم يجز، وكذا ما كان عند المسلمين قربة ولم يكن عند أهل الذمة قربة لم يجز ذلك إلا ما ذكرنا مما خص به قوما بأعيانهم) . وعلى هذا أفتى صاحب تنقيح الحامدية كما يعلم من الرجوع إليها فى أول كتاب الوقف. هذا ولا يفوتنا أن نقول إنه قد ظهر لنا أن اشتراط كون القربة قربة عندنا وعندهم فى صحة الوقف عليها يتفق مع ما قاله الصاحبان فى وصية الذمى على ما هو قربة من اشتراط كون هذه القربة قربة عندنا وعندهم، أما على مذهب الإمام من الاكتفاء كبونها قربة عندهم سواء كانت قربة عندنا أيضا أم لا. فلا يتفق هذا الاشتراط معه، والسبب فى الأخذ بمذهب الصاحبين فى الوقف أن الصاحبين هما اللذان يقولان بلزوم الوقف فكان الاشتراط مبنيا على مذهبهما) انتهى ما قلناه. وعلى هذا يكون الوقف على الجهات الأولى والثانية والرابعة والخامسة غير صحيح بمعنى عدم صحة جعل هذه الجهات مصرفا للوقف، ويصرف حينئذ ما لكل منها بالنسبة لوقف الزوج للفقراء والمساكين أخذا من قوله فى أول كتاب الوقف. وقف وحبس وسبل وخلد وتصدق لله سبحانه وتعالى، وإنما لم نخص فقراء ومساكين الأقباط بالصرف لأن الظاهر أن تخصيص ذلك إنما يكون عند انقطاع سبل الوقف جميعها وهى لم تنقطع إلى الآن - على أنه وإن كان يصح الصرف إلى الفقراء والمساكين عامة فإنه يجوز تخصيص فقراء ومساكين الأقباط بالصرف عليها، أما الوقف على الجهتين الثالثة والسادسة فصحيح، لأن المتبادر من المتقاعدين المذكورين فى الوجه الثالث الفقراء منهم، كما أن المتبادر من اليتامى والعجزة فى الوجه السادس الفقراء منهم أيضا، فيصرف لكل منهما ما جعل لها لأنها قربة عندنا وعندهم هذا كله بالنسبة لوقف الزوج، وأما بالنسبة لوقف الزوجة التى حصل منها التغيير المذكور فيصرف ما كانت قد جعلته من وقفها للجهات الست المذكورة لمصالح المدرسة طبقا لما جاء بإشهاد التغيير، لأن الظاهر أن المدرسة تصلح أن تكون مصرفا نظرا لإعدادها لدراسة مختلف العلوم والأشغال اليدوية والمنزلية التى تدرس فى مدارس وزارة المعارف العمومية. وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |