عنوان الفتوى : زمن سماع دعوى الاستحقاق فى الوقف

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

من قاضى طرابلس الشيخ محمد أمين عز الدين من طرابلس الشام بالآتى زيد الذى لم يكن يعلم أنه مستحق فى وقف ولما علم تقدم إلى المحكمة بالدعوى على المتولى فأجاب هذا المدعى عليه طالبا رد الدعوى لمرور الزمن لأن الدعوى بعد مضى خمس عشرة سنة بدون عذر غير مسموعة فأجاب المدعى بأنه لم يكن يعلم أن له استحقاقا وقد نصت المجلة أن مرور الزمان يبتدئ من صلاحية الادعاء كما أن الفقهاء صرحوا فى كتب المذهب أن مرور الزمن معتبر مع التمكن من الادعاء وقد نصوا بأن من ترك دعواه مع التمكن تلك المدة لا يسمع منه الادعاء من بعد. فأجاب المدعى عليه بأن الجهل ليس عذرا وأن أبا السعود أفتى بذلك كما نقله عنه العلامة على حيدر أفندى فى شرح المجلة. فأجاب المدعى بما فى الحامدية فى سؤال عن متولى وقف استمرت توليته سبعا وعشرين سنة يوزع من غلته أجرة حصة من بستان قام الآن يدعى ملكيته لنفسه ولإخوته أجاب لا تسمع دعواه وتسمع دعوى إخوته لخفاء ذلك عليهم من حيث انهم لم يكونوا نظارا على الوقف. وبما فى الحامدية أيضا عن أبى السعود. نفسه أن من ترك دعواه خمسين سنة تسمع دعواه الإرث إذا كان العذر قويا ولا فرق بين الاستحقاق وبين الإرث. وقد نص الفقهاء بأن الجهل فى محل الخفاء عذر فى باب التناقض. ومتى ثبت لحالة أنها من الأعذار الشرعية فتكون عذرا شرعيا حيثما وجدت وأن أبا السعود انفرد بعده الجهل غير عذر فى باب مرور الزمان على أنه أفتى بالإرث بخلاف ذلك. فهل يعتبر المتمكن الوارد ذكره فى نصوص الفقهاء متناولا للجهل بالمدعى به فى محل الخفاء مع تعليلهم بأن ترك الدعوى تلك المدة يدل على سقوط الحق ظاهرا. وهل تدل كلمة الترك فى كلامهم على عدم الادعاء مع العلم أم بعذر زيد المدعى بجهله الاستحقاق

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأننا وقفنا على ما قاله أبو السعود من نسخته فى المكتبة الملكية باللغة التركية وقد ترجم عبارته من هو موثوق به ونصها بعد الترجمة. مسألة وقف رجل مقدارا معينا من النقود على أولاد زيد وعمرو لتلاوة القرآن ثم توفى بعد الوقف ولم يعلم الأولاد ما حبس عليهم إلا بعد مضى عشرين سنة ورفعوا الأمر إلى القضاء. فهل تسمع دعواهم أم لا. الجواب تسمع بإذن خاص لأن الجهل ليس عذرا ظاهرا. أبو السعود. ولعل مأخذ ما قاله أبو السعود فى هذه الفتوى ما قاله المتأخرون من أهل الفتوى من أنه لا تسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة إلا أن يكون المدعى غائبا. أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى أو المدعى ليه أميرا جائرا يخاف منه كما جاء فى الحامدية نقلا عن جامع الفتاوى عن الفتاوى العنابية فإن ظاهر هذا القول أن الأعذار محصورة فى أربعة الأمور المذكورة ومن أجل ذلك قال ابن عابدين فى تنقيح الحامدية تلخيصا لما ذكره من النقول ما نصه والحاصل من هذه النقول أن الدعوى بعد مضى ثلاثين سنة أو بعد ثلاث وثلاثين لا تسمع إذا كان الترك بلا عذر من الأعذار المارة. فقوله لا تسمع إذا كان الترك بلا عذر من الأعذار فى الأمور المذكورة. ولكن الظاهر. أن الفقهاء لم يقصدوا حصر الأعذار فيها بدليل أنهم زادوا غيرها كغيبة المدعى عليه على ما أفتى به الخير الرملى بل قصدوا هذه الأعذار وما فى معناها مما لا يتمكن المدعى معه من الدعوى ولا شك أن جهل المرء بحقه الذى ثبت له بتصرف ينفرد به غيره كالواقف فى مسالتنا لا يتمكن معه من الدعوى فهو عذر من العذار المسوغة لسماع الدعوى فى باب مرور الزمان ويدل على هذا أن الأصوليين فسموا الجهل إلى أنواع وجعلوا منه نوعا يصلح عذرا وهو ما خفى فيه الدليل ومن هذا النوع على ما جاء فى التحرير وشرحه جهل الوكيل بالعزل والمأذون بحجر المولى عليه فهذا عذر فى حقهما لخفاء الدليل لاستقلال الموكل بالعزل والمولى بالحجر ولزوم الضرر عليهما على تقدير ثبوتهما بدون علمهما ومنه أيضا جهل المولى بجناية العبد جناية خطأ اعتبروه عذرا للمولى فى عدم تعين لزوم الفداء إذا أخرجه عن ملكه قبل علمه لها ف يكون المولى ببيع العبد قبل علمه بجنايته مختارا للفداء لخفاء الدليل فى حقه لاستقلال العبد بالجناية ومنه جهل الأمة المزوجة إذا جهلت عتق المولى فلم تفسخ النكاح هو عذر فلا يسقط خيارها بالترك مع جهلها وقد علل ذلك بأن المولى يستقل بالعتق ولا يمكنها الوقوف عليه قبل الإخبار. ملخصا من التحرير وشرحه تراجع صفحة 327 وما بعدها من الجزء الثالث. وقد جاء فى حاشية الحموى على الأشباه ما نصه وقد ذكر الأصوليون فى بحث الإكراه على شرب الخمر أن دليل انكاش الحرمة إذا كان خفيا يعذر بالجهل وذلك كما إذا أكره على شرب الخمر بالقتل فصبر على القتل ولم يعلم حرمة ذلك يعذر بالجهل. ومنه يعلم أن الجهل عذر فى دار الإسلام إذا كان دليل الحرمة خفيا فليحفظ انتهت عبارة الحموى وإذ كان يعذر المرء بالجهل إذا كان دليل الحكم الشرعى خفيا مع كمال ولاية الشارع فلأن يعذر بجهل تصرف يستبد به غيه من العباد أولى ز وقد نص الفقهاء على أن التناقض فى موضع الخفاء معفو عنه وما ذاك منهم إلا لاعتبارهم الجهل عذرا فى موضع الخفاء فمن ذلك أن المرأة إذا اختلفت مع زوجها على مهرها ونفقة عدتها ثم أقامت بعد ذلك بينة أن الزوج طلقها ثلاثا قبل الخلع تقبل بينتها وإن صارت متناقضة فى دعوى الطلقات الثلاث بالإقدام على الخلع وإنما كان كذلك لأن الزوج ينفرد بالإيقاع ولا يتوقف ذلك على علم المرأة وكان طريقه طريق الخفاء فجعل التناقض فيه عفوا يرجع كتاب القسمة من تنقيح الحامدية وما هذا إلا لنهم اعتبروا جهل المرأة بالطلاق الثلاث عذرا لكون الزوج ينفرد بالإيقاع ولا يتوقف ذلك على علم المرأة كذلك ما قالوه من العفو عن التناقض فيما إذا اشترى دارا لابنه الصغير من نفسه وأشهد على ذلك وكبر الابن ولم يعلم بما صنع الأب ثم أن الأب باع تلك الدار من رجل وسلمها غليه فاستأجر الابن الدار من المشترى ثم علم بما صنع الأب فادعى الدار على المشترى سمعت دعواه على الصحيح لأن هذا وإن كان تناقضا إلا أنه معفو عنه لأن طريقه طريق الخفاء وما هذا إلا لأن الأب يستقل بالشراء للصغير ومن الصغير لنفسه. وكذا إذا قاسم الورثة الموصى له بالمال ثم ادعوا رجوع الموصى فإن دعواهم هذه تسمع لانفراد الموصى بالرجوع وقد عللوا العقد عن التناقض فى الطلاق والحرية بأنه ينفرد بهما الزوج والمولى. ومن اطلع على ما ذكرنا يتبين له أن الجهل فى حادثتنا من النوع الذى قال الأصوليون أنه يصلح عذرا - والخلاصة أن الذى يظهر لنا أن الجهل فى حادثتنا عذر من الأعذار التى تسوغ سماع الدعوى فى باب مرور الزمان وإن لم نجده صريحا فى كلامهم وكيف لا يعتبر عذرا وهو لا يكون معه المرء متمكنا من الدعوى. وقد نقلوا عن المبسوط ما نصه ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة ولم يقم مانع من الدعوى لا تسمع دعواه لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا. فهل يقول قائل ان الجاهل بالحق الثابت له بتصرف ينفرد به غيره متمكن من دعواه حتى يكون تركه للدعوى مع هذا التمكن دالا على عدم الحق ظاهرا هذا. وما استظهرناه هو المعقول الذى تشهد به الفطرة السليمة وتقضى به أصول الدين الحنيف. والله سبحانه وتعالى أعلم

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...